عبد العاطي: استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة وصمة عار على جبين المجتمع الدولي
أكد الدكتور بدر عبدالعاطي، وزير الخارجية والهجرة، أن العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة لمدة عام، والعدوان على الضفة الغربية، يمثل وصمة عار حقيقية على جبين المجتمع الدولي ومؤسساته العاجزة عن ممارسة الحد الأدنى من الجهد والضغط لوقف هذا العدوان، الذي خلف كارثة إنسانية كاملة في قطاع غزة.
جاء ذلك خلال إلقائه كلمة مصر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وقال عبدالعاطي في كلمته: "أتوجه إليكم من هذا المنبر الموقر في ظرف دقيق ووسط أزمات مركبة تعصف بمنطقة الشرق الأوسط والعالم.. حاملاً رؤية مصر المتأصلة في التاريخ والمتوجهة صوب المستقبل، التي عركت التحديات والحروب واتخذت السلام والعدل والعمل منهاجًا لبناء إقليم وعالم يسع الجميع بحرية وكرامة وعدل."
وأضاف: "أخاطبكم باسم دولة مؤسسة للأمم المتحدة، يدرك القاصي والداني دورها في بناء الجسور ونسج التوافقات الدولية والدفاع عن مصالح نطاقاتها العربية والأفريقية والنامية."
وتابع: "إن إيماننا راسخ بأهمية الحفاظ على منظومة فعالة متعددة الأطراف لبناء علاقات دولية مستقرة قائمة على احترام القانون الدولي ونشر السلام والتعاون."
وأضاف: "من هذا المنطلق، نجد لزامًا علينا أن ندق ناقوس الخطر في الظرف الدولي الراهن."
وأشار إلى أن المنظومة الدولية التي تأسست منذ ما يقرب من ثمانية عقود، باتت تواجه خللاً جوهريًا قد يفضي لتآكلها ويهدد بقاءها بفعل غياب الفعالية، وانعدام المساواة، وتفشي المعايير المزدوجة.
وقال عبدالعاطي: "إن الأجيال الشابة حول العالم تطرح استفسارات مشروعة عن جدوى المنظومة الدولية متعددة الأطراف ومردودها على حياة الإنسان المعاصر."
وتساءل: "هل توفر له الأمن؟ هل تساعده في مواجهة الفقر والجوع؟ هل تحميه من مخاطر تغير المناخ؟ هل تتيح له المعرفة وتعده للتعامل مع آفاق التكنولوجيا المتطورة؟ هل تتدخل لإنقاذه في مواجهة الاحتلال والإرهاب والقتل والتدمير؟ هل تطبق معايير موحدة وشفافة وتكيل بنفس المكيال في جميع القضايا؟"
وأضاف أنه في ظل ما شهدته تحضيرات "قمة المستقبل" من أسئلة مشروعة مماثلة، وما انتهت إليه القمة من نتائج إيجابية نرحب بها لما مثلته من خطوة صحيحة صوب استعادة حيوية وفعالية المنظومة متعددة الأطراف، وفي القلب منها الأمم المتحدة.
وقال: "اسمحوا لي أن أطرح رؤية محددة لاستعادة الثقة والمصداقية ومواجهة المعايير المزدوجة... وتصورًا للمزيد من تنشيط المنظومة الأممية وتعزيز قدرتها في بناء مستقبل أفضل لشعوبنا، وذلك من خلال خمسة مبادئ أساسية، هي:
أولاً: مع التسليم بأنه لا بديل عن المنظومة الأممية متعددة الأطراف، وأن تحديات عالمنا المتشابكة والعابرة للحدود تفوق قدرات أي دولة منفردة أو مجموعة من الدول على مواجهتها، فلا مفر من الاعتراف بأن نزاهة الأمم المتحدة، ومن ثم شرعيتها وبقائها، باتت على المحك."
وأضاف عبدالعاطي أن "العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة لمدة عام ، والعدوان على الضفة الغربية، يمثل وصمة عار حقيقية على جبين المجتمع الدولي ومؤسساته العاجزة عن ممارسة الحد الأدنى من الجهد والضغط لوقف هذا العدوان الذي خلف كارثة إنسانية كاملة في قطاع غزة... واحتاج المجتمع الدولي لأشهر طويلة لكي يبدأ في مجرد المطالبة بوقف العدوان."
أدان عبدالعاطي بشدة التصعيد الإسرائيلي الخطير الذي لا يعرف حدودًا، بما يجر المنطقة إلى حافة الهاوية... مؤكدًا رفض مصر التام وإدانتها الكاملة للعدوان الإسرائيلي الراهن على لبنان الشقيق الذي يشكل انتهاكًا صارخًا لسيادته ووحدته وسلامته الإقليمية واستقلاله السياسي.
وقال إن "أولويتنا القصوى الآن هي وقف حمام الدم بشكل فوري ودائم وغير مشروط، وإدخال المساعدات الإنسانية، والوقوف بمنتهى الحسم أمام أي محاولة لتصفية القضية الفلسطينية عبر التهجير القسري أو سياسات الإحلال السكاني."
وأضاف أن "مصر بذلت جهودًا مكثفة للوساطة بالتعاون مع الأشقاء في قطر ومع الولايات المتحدة، إلا أن إسرائيل عرقلت هذه الجهود على مدار عدة أشهر لوقف إطلاق النار والنفاذ الكامل للمساعدات، ونعيد التأكيد على أن إقامة دولة فلسطينية موحدة على خطوط الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية يظل هو السبيل الوحيد للحل العادل والشامل، الذي يعيد الاستقرار للمنطقة والعالم، باعتبارها القضية المركزية ولب الصراع في المنطقة."
وتابع: "لا يفوتني هنا الإشادة بالمواقف الشجاعة للأمين العام للأمم المتحدة وسائر القيادات الأممية، وعلى رأسهم وكالة الأونروا... كما نقدم التعازي في وفاة شهداء الوكالة وشهداء باقي الوكالات الأممية الذين سقطوا برصاص الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، انطلاقًا من مسؤولياتهم وواجبهم في الدفاع عن القانون الدولي ووقف آلة القتل والتدمير."
وأضاف: "ثانيًا: شرط المساواة هو التشارك الحقيقي - لا الشكلي - في صناعة القرار الدولي... فالمشاركة ليست منحة أو تفضلاً من بعض الدول تجاه الأخرى، بل هي أساس وضمانة لاستجابة الجماعة الدولية بشكل كفء للأزمات المتتالية التي تواجه النظام الدولي، ولضمان الملكية المشتركة للقرارات الدولية... ومن هنا، لا يمكن قبول أن تظل أفريقيا والدول العربية بلا تمثيل دائم بكافة الصلاحيات في مجلس الأمن. وستتمسك مصر بتوافق أزولويني وإعلان سرت لرفع الظلم التاريخي الواقع على قارتنا الأفريقية."