فريد عبد الوارث يكتب: الفلاح المصري و أزمة الشتاء و الصيف
نعرف جميعاً تلك الرحلة الشهيرة لقبيلة قريش و التي ذكرت في القرآن الكريم باسم رحلة الشتاء و الصيف، تلك الرحلة التي انتهت مع تقدم البشرية و توافر مستلزمات الحياة، لكنها عادت في صورة جديدة للفلاح المصري و بات مطالباً بالقيام برحلة شاقة مع كل محصول شتوي أو صيفي للحصول على الأسمدة الزراعية للحفاظ على المحاصيل الاستراتيجية، رحلة شاقة ما بين الجمعيات الزراعية الفارغة من الأسمدة و السوق السوداء التي تخطت فيها الأسعار 5 أضعاف السعر الرسمي لكيس السماد!!!
يتفقد الفلاح حال أشجاره و نباتاته و ينظر في حسرة إلى الأكياس الفارغة من السماد النيتروجيني الذي أصبح الحصول عليه شبه مستحيل خلال الأشهر الفائتة، بينما يقلب التربة بفأسه و يلقي كميات قليلة من السماد العضوي الذي يضطر لاستخدامه كثيرا، بينما يقطع يومياً عدة كيلومترات متردداً كغيره من المزارعين على منافذ توزيع الأسمدة و تجار السوق السوداء ، لكنه في كل مرة يعود خاوي الوفاض؛ كما هو حال مخازن السماد النتروجيني في المتاجر و الجمعيات الزراعية!!!
تعد صناعة الأسمدة، إحدى الصناعات الاستراتيجية المهمة في مصر، لأهميتها المتعلقة بالزراعة، بالإضافة إلى عائداتها التصديرية الدولارية، فقد بلغ إجمالي الإنتاج المصري من الأسمدة في عام 2023 ما يقرب من 8 ملايين طن نيتروجينية، و 4 ملايين طن فوسفاتية، حيث تحتل مصر المرتبة السابعة عالميا في إنتاج اليوريا، فيما تأتي الأسمدة في المركز الثاني بين الصادرات المصرية بقيمة 3.4 مليارات دولار، وفقا لبيانات مركز المعلومات و دعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري.
وتشهد مصر أزمة تتعلق بانقطاع التيار الكهربائي فيما يعرف بـ"تخفيف الأحمال" بسبب زيادة الاستهلاك على خلفية موجات الحر المتتالية، حيث يتم قطع الكهرباء عن الأحياء السكنية و المصانع كثيفة الاستهلاك بشكل تبادلي مما تسبب في أزمة خانقة تهدد الزراعة في مصر بشكل غير مسبوق!!
و لعل ذلك ليس خافياً على مراكز صنع القرار و وزارة الزراعة، مما يستدعي وضع حلول ناجزة و سريعة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه و ضمان عدم تكرار تلك الأزمات، و قد يكون إيقاف التصدير مؤقتاً احد أهم الحلول، فضلاً عن زيادة الإنتاج.
السيد وزير الزراعة ... الفلاح المصري يدور في فلك الأزمات المتتالية و لا يدري ماذا يفعل؟ و أغلب الكميات المنصرفة من الأسمدة يتم تهريبها بطريقة أو بأخرى إلى السوق السوداء على حساب الدولة و الفلاح، فهل من حل و هل من عقاب؟؟