«الاكتئاب» بقلم : بولس عوض لمعي
إن الاكتئابَ مرضٌ نفسيٌّ زاد انتشاره؛ لوفرة أسبابه المتشعبة، حتى أصبح الفرد أكثر عرضةً للإصابةِ بهِ، في ظل مُعَقَّدَاتِ عصرنا الحالي.. من أسباب الاكتئاب: مرور الإنسان بحالة سيئة؛ أفضت إلى فقدانه لذة الحياة؛ ومِنْ ثَمَّ فقدان الأمل، ومن أسبابه أيضًا: الفشل والخذلان والبطالة، وعدم القدرة على تحقيق الإنسان لأهدافه، بعد محاولاتٍ محبطة، ومن تلك الأسباب أيضًا: عدم وجود حافز للإنسان؛ ليعطيه الدافع، فهو مُفتَقِد لشغفِ الحياة، وغير متفائل بالمستقبل، ومن تلك الأسباب أيضًا: التوحد وعدم وجود أصدقاء للشخص، وانغلاقه عن ذاته؛ فيكتم مشاكله التي ربما تكون بسيطة؛ لكنها تتطور معه إلى مرحلة الاكتئاب، وقد يكون للإفراط في تناول بعض العقاقير والأدوية، تأثيرًا واضحًا على الحالة النفسية، ونذكر أيضًا أن الإنسان الذي ليس له رجاءً في الغد، وإيمانه ضعيف بالله، هو إنسان يعاني من اكتئاب نسبي أو عرضي، ومتقلب المزاج.. ومن أعراض الاكتئاب أن يميل الإنسان إلى الوحدة والعزلة والخمول العام في الجسم، ومِنْ ثَمَّ يريد النوم كثيرًا، ومن أعراضه أيضًا الصداع، ويمكن أن يُصاب ببعض الأمراض: كالضغط والسكر، وذلك لكثرة تفكيره فيما حدث له من خيبة أمل، فالاكتئاب يجعل الشخص كسول، خمول، وغير قادر على التركيز والاستيعاب.. فالاكتئاب نتيجة أو مرحلة يصل إليها الشخص من أحد تلك الأسباب، وقد يستسلم أو يقاوم، فإذا استسلم الشخص للاكتئاب؛ فربما يكون الانتحار نتيجة حتمية؛ للتخلص من حياته التي يراها أصبحت لا تُجدي، ولا فائدة منها، فيكون الانتحار رصاصة الرحمة التي يطلقها على نفسه؛ ليتخلص من تلك المعاناة، هذا على حد اعتقاده، وهذه جريمة يرتكبها في حق نفسه، وهو في ذروة الاكتئاب، أو عندما يكون اليأس قد تملك كل وجدانه؛ لذا على المجتمع أن يعي خطورة هذا المرض النفسي، الذي يدمر حياة أفراده، ويشل نهضتهم، ويهدد مستقبلهم، وذلك من خلال الندوات التثقيفية التي تبث روح التفاؤل، وحث الجميع على ممارسة الرياضة، وتشجيع المواهب واحتضانها، وجذب انتباه الآباء لأعراض الاكتئاب، مثل: توحد أبنائهم، وذلك لمعالجته قبل أن يصل لمرحلة معقدة، وعلى المشرع أن يضمن سلامة الصحة النفسية لأفراد المجتمع، من خلال تشريع قوانين تحمي حقوقه، وتقيه من الاكتئاب، بمعالجة أسبابه؛ حتى يصبح المجتمع إيجابيًا، وينهض بذاته، وبالتالي يكون في تقدم وازدهار، بدلًا من الحسرة والانكسار.