إغماءة بقلم : السيد الجزايرلي عضو اتحاد كتَّاب مصر
بالماءِ
وضَّأْتُ المَشِيئَةَ
وانْتَصَرْتُ على الصَّدأْ
وكأنَّ مائي سَجْدَةٌ
غَفَرَتْ لِطَمْيِ الأَرْضِ تاريخَ الظَّمَأْ
هل غَفْوَةٌ
قَطَعَتْ طَريقَ الرُّوحِ فاحْتَدَمَ الغِيَابُ
أَمِ الصُّعُودُ إلى سماءِ الغَيْبِ قد شَاءَتْ يَدَاهُ،
ولم يَشَأْ؟
ما كُنْتُ أوَّلَ عاشقٍ
صَعَدَ السَّماءَ بغَيْمَتَينِ
ولا ضَرِيرَاً مُبْصِرَاً
صارتْ عَصَاهُ مَطِيَّةً لبصيرتهْ
مَرَّتْ خُيولُ الوَقْتِ مُسْرِعَةً
على عُشْبِ الجَسَدْ
مَرَّتْ خُيولُ الوَقْتِ، وانطَفَأَ البَدَنْ
غابَ الغريبُ عن الحياةِ
فحلَّقَتْ كلُّ النوارسِ فَوْقَهُ..
إغْماءَةٌ
هَزَّتْ جِدارَهُ في خواتيمِ المساءْ
لكنَّ روحَهُ أدْرَكَتْ
سِرَّ المَشيئةِ في وصايا الأنبياءْ
إغْمَاءةٌ
ورَأَيتُ أخطاءً تُخاطِبُني
بلا حُجُبٍ:
_ يا سَيِّدَ الغُرَبَاءِ
لم تَغْسِلْ مِيَاهُ النهرِ ناصِيَتَكْ.
يا آخرَ النَّاجينَ من فَخِّ السِّكونِ اصْعَدْ
إلى جَبَلِ الرِّضَى
واْمْلأْ لأهلِ الكَهْفِ جَرَّةَ نَوْمِهِمْ
عطشٌ
سيتركُ حارساً في كل كأسٍ
كي تراها مِلْءَ رُوحِكَ فارغةْ
عَطَشٌ
ولا قَمْحٌ سيُقْرِئُكَ السلامَ
إذا أتَى شَبَحُ الجَفَافِ
ولا نبيَّاً
من كتابِ الغيبِ جاءَ بآيةٍ، وشهادتينْ _
إِغْمَاءَةٌ
ودَفَاتِرُ الأيَّامِ
لم تُكْمِلْ حديثَ الحِبْرِ عن ضَعْفِ الوَرَقْ:
بَيْتٌ
يُخَبِّئُ بَهْجَةَ الجُدْرَانِ تَحْتَ طِلائهِ
بابٌ،
وسَتُّ نوافذٍ مَخْمُورَةٍ
شرِبَتْ سَتَائِرُهَا تفاصيلَ الهَوَاءِ
حَدِيقَةٌ
غَزَلَتْ بِطُهْرِ النِّيلِ أَوْرَادَ الشَّجَرْ
قَمَرٌ
نِسَائيٌّ
يَرَى في الأَرْبَعِينَ كَمَالَهُ..
وثلاثةٌ
من أَوْلِياءِ الرُّوحِ يحْمِلُهُمْ كتابُ اللهِ
من كُحْلِ الظلامِ لفَجْرِهِمْ
ماذا سَتَرْبَحُ
إن كَسَرْتَ هَوَى أَبِيهِمْ
أو قَسَوْتَ على خَضَارِ قلوبِهِمْ؟
يا موتُ
يا قَدَرَ الوَرَى
ماذا يُضِيرُكَ إن تَرَكْتَ الحِبْرَ حَيَّاً
كي أُتمَّ رِسَالَتي؟
إغْمَاءَةٌ
ورأيتُ فيها جَنَّتي
ثُمَّ انْتَصَرْتُ على الغِيَابْ
فَكَأَنَّ مائي سَجْدَةٌ
غَسَلَتْ صَلاةَ الأَرْضِ
من سَهْوِ التُّرَابْ.