18:10 | 23 يوليو 2019

عبدالحى عطوان يكتب: نهاية موظف الارشيف و نهاد (الجزء الرابع والاخير )

1:22pm 22/03/24
عبدالحى عطوان
عبدالحى عطوان يكتب

وقف صلاح مذعورًا أمام كلماتها التي نزلت على صدره كالصاعقة، فلم يتخيل أن تلك اللوحة التي عشقها في الماضي أن تكون عاشت تجربتها بتلك المرارة القاسية، فقد مرت عشرة سنوات منذ اختفائها يتخيل أنها باعته طواعية من أجل المال، فقد كان يجلدها كلما هفا طيفها بخياله أو جالت بذاكرته إحدى صورها، بل دائمًا ما كان يحاول نسيانها كلما ظهرت ملامحها بين خطوط السحاب أو مر نسيمها عبيرًا على روحه، فقد دائب طول تلك المدة أن يبدل رائحة عطرها التي ما زالت تعبقه بذكرى يوم أن استيقظ على خبر رحيلها خارج حدود جغرافية المكان وتضاريس البلاد التى يقطنها، دون عودة أو سؤال حتى جعل من قلبه لا مكان للعشق أو الغزل بعد سقوط التمثال الذى كان يعبده.

 

نظر إليها تأملها جيدًا فوجدها تائهة من دون ملامح على جبينها ارتسمت علامات وخطوط متشابكة كانت تستمع إليه ولا تسمع، فقد باتت لا تؤمن بتلك الكلمات الحانية عن القدر والأقدار وإرادة الله، فقد بهت عقلها أمام كل التراكمات التى مرت بها بل نفذت اراداتها امام كل شيء وحتى تهرب من كل الأسئلة التى تراودها بل التي تكاد تدفعها للجنون، فكرت ان تعمل من أجل أن تتناسى تلك المرارة التي سقطت ظلالها على ذلك المكان فبدا مظلمًا وكأنه تسكنه الأشباح وفي لحظة سكون تلك الأشياء المرصوصة جذب يديها إليه ليجعلها تفيق من كابوسها المخيف، تحدث بصوت جهوم وكأنه شيخ وقور مضيفًا إلى كلماته بعض الآيات وكذلك الجمل التي تعبر عن حكمة الله وسط ضجيج القصص والروايات التي مرت بأصاحبها وخرجوا منها أقوياء، فهذه حكمة لشكسبير وهذه مقولة لمولتير وهذه آية من كتاب الله، فهو بحكم شخصيته الرومانسية الهادئة حاول أن يستدرجها إلى المنطقة الفاصلة بين الألم ومرارة التجربة، ويدفعها إلى تذكر البداية الأولى لحياتها لتتذكر حواريها وحكاياتها المبهجة وتسقط من ذاكرتها تلك السنين العجاف.

 

عدلت من وضع قدميها أمامه وجذبت يديها من بين يديه حينما انتبهت أنه يحدق فيها كثيرًا، قالت له: "اعلم أني تغيرت وطفت آثار السنين على ملامحي وفقدت من جمالي الكثير"، قال مقاطعًا إياها: "بلى، ما زلت الوردة الوحيدة التي لم تنتهي رائحتها منذ سنين"، وبينما في خضم تلك المشاعر نادت الأم عليها لتناولها أصناف الدواء، فهبت مسرعة للداخل بينما ظل هو جالسًا تراوده الخواطر والأفكار، فتارة يحاسب نفسه عن ظلمه لها وتارة يختلق لنفسه الأعذار يحاكي نفسه ويراجعها، جالت برأسه العديد من الأفكار البداية وغراميات الانتظار وكتابة القصائد والأشعار وخطوات الأقدار وحلم مكتوم بالصدور، خيالات وصراع النقيضين؛ قلبه وعقله، هجرتها وحياته التى جفت حتى صارت محصورة بين الأرقام وملفات الارشيف، وكيف يقضي يومه مكتئبًا لا يشعر فيها بدفء الحنايا، بل بات يقتله حنين الكلمات التي كان يبات يكتبها حتى يقولها لها، انتفض قليلًا من داخله وعزم حين عودتها على مواجهتها بالقرار.

 

عادت وقبل أن ينطق بادرته بكم الأسئلة الحائرة التي تركت منذ رأته في الأرشيف ألف علامة استفهام، عن عشرة أعوام مضت، عن ظروفه وأحواله، وهل تزوج وأنجب كم من الأطفال، فالتفت إليها تائهًا بين عينيها، وقال: "أنا لم يطرأ على حياتي أى تغيير فببساطة وباختصار فرغت محتويات ذاكرتي، ماتت في قلبي العواطف والمشاعر كنت أظن عبيرك لي وحدي فلم أتزوج بعدك ولم أنجب أطفال، فمرارة هجرك دون أعذار خلقت بداخلي دار لا تسكنها إلا الذكريات، وحنين الحكايات زادت إجابته من دهشتها، ورفعت من سخونة اللقاء، فمدت يديها لتحتضن يديه دون مقاومة أو عناء، قالت: "تعال نصحح أقدارنا ونعيد لحياتنا لوعة اللقاء تعال نبدأ معًا نرتب لحلم قادم امتداد لماضٍ لم يمت ولم تدفنه الرياح"، صاح بأعلى صوته لا تبتعدى حتى يفوح عطرك في كل وجداني، طارت منتفضة فقد شعرت بسريان الكلمات في جسدها كالنار، تعاهدا لتكن البداية غدًا وكتب الكتاب..

تابعنا على فيسبوك

. .
izmit escort batum escort
bodrum escort
paykasa bozum
gazianteplie.com izmir escort
18 film izle erotik film izle
deutsch porn