منى صدقى تكتب : قراءة في ذكرى الإسراء والمعراج
تطالعنا اليوم ذكرى الإسراء و المعراج ونحن في أمس الحاجة إلى استرجاع قيم المعراج بعدما ألفنا الالتصاق بالأرض وتعوّدنا على البقاء قرب المادية التي تغزونا أكثر فأكثر، فهذه الذكرى – بغض النظر عن زمانها – تقول لنا: لن نعرج إلى السموات ما لم نطهر النفوس من كل أثقالها التي تشدها إلى الأرض، فالمعراج إطلاق للنفس من أسرها .
فالنبي عليه الصلاة والسلام المعراج لم ينل هبة دون دفع البدل، بل كان الثمن الذي قدمه تضعف دونه الهمم والأبطال، فأين صبرنا نحن الذي نحتمي به أوقات الأزمات والشدائد مثلما نعيش الآن ؟ ... فرحلة الإسراء و المعراج لاينالها إلا من كان ذا مبدأ تعب في تحقيقه، وكان دون ذلك المتاعب الاجتماعية والنفسية والمادية .
والقارئ الدقيق لمسار رحلة الإسراء والمعراج يدرك أن تقدير الله عز وجل لأن تكون رحلة الإسراء والمعراج من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، لا يخلو من حكمة عظيمة وإشارة بليغة، فهذا المسار المخطط من قبل الله عز وجل قد ربط بين عقائد التوحيد الكبرى فتصبح هذه الأماكن جزءًا لا يتجزأ من الرسالة الخاتمة، ولا يحق لأحد أن ينكر على أصحاب هذه الرسالة اهتمامهم بتلك الأماكن، والمطالبة بحقهم فيها، والدفاع عنها ضد أي اعتداء .
ومن هنا فليس الموضوع مجرد رحلة بسيطة أو حدث عابر ، ولا هو أيضا محطة في مسيرة أو حلقة في سيرة، وإنما هو بحر لا ساحل له ومجال أوسع من كل تصور وخيال ووصف أو استدلال .
وأود أن أشير هنا إلى محورية “المسجد الأقصى” في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وعند المسلمين اعتقادا وتعظيما، وذلك باعتباره مكانا مقدسا متطابقا ومتلاصقا مع المسجد الحرام في وظيفته وقيمته ومؤداه المعرفي إلى العروج نحو عالم الملكوت ،ملكوت السماوات والأرض ، فلا للسياسة ولا للملك الدنيوي وحسابات أصحاب المادة والزخارف أي دخل أو حق التصرف فيه بغير حق أو تحويل وظيفته ورسالته لأغراضهم واحتيالهم ،كيفما كان حال هؤلاء الصهاينة ودولة الاحتلال .
في النهاية فأننا نستلهم من ذكرى الاسراء والمعراج درساً عظمياً ألا وهو قوة الدعاء مع اليقين بالله والآخذ بالأسباب فالدعاء ليس مجرد عبادة لإشباع الروح، بل هو وسيلة للتغيير من حال إلى حال، وسيلة للتغيير من البلاء إلى العافية، ومن الهزيمة إلى النصر فإننا في هذه الأيام ندعو الله عز وجل أن يحرر المسجد الأقصى من أيدى العدو المحتل الغاصب وأن يحفظ أهل فلسطين وغزه ويثبتهم وينصرهم على عدوهم الغاشم المستبد الذى نكل بالبلاد والعباد