18:10 | 23 يوليو 2019

عبدالحى عطوان يكتب :رسالة ضابط لوالده من معبر رفح

10:53am 19/11/23
عبدالحى عطوان
عبدالحى عطوان

علم الضابط عصام بنقله من وحدته إلى أحد الأكمنة الأمنية الحدودية التى تقع على حدود مصر الشرقية وبالتحديد كمين معبر رفح، ومنذ أستلامه القرار انحصر كل تفكيره كيف يخبر اهلة بنقلة؟ فالمنطقه ملتهبة، والحرب الدائرة بالقطاع تجعل الكل فى مرمى النيران، ماذا يقول لشقيقته وهى تعشق وجوده ؟تتابعه طوال اليوم بتليفوناتها تنسق مععه أدق تفاصيل زواجها على صديقه النقيب محمود، لوالده الممسك بالريموت طوال ساعات اليوم يتنقل بين القنوات بحثًا عن انفراجه توقف إبادة الأبرياء ،أو طاقة أمل تنقذ المنطقه من الدمار، لوالدته التى تظل تدعوا له بالساعات عند إنتهاء إجازته ،أهداه تفكيره إلا يخبرهم!! مثله مثل الكثيرين الذين يقضون معظم خدمتهم على الحدود ولا يخبرون ذويهم خوفًا عليهم ، وبينما هو غارق فى التفكير بين التردد والإقبال وكيف يحزم حقائبه، قرر أخيراً أن يخبرهم .
وبمجرد دخوله البيت وسؤالهم عن أسباب مجئية فى غير موعد إجازته، ذاد التوتر من ضربات قلبه، من أين يبدأ، فالأب يكفيه الأمراض المزمنة بعد خروجه على المعاش، والأم تعانى من الكلى والسكر، أقترب من مجلسهم حاول أن يجد طريقه يفتح بها الحوار، فاسترسل فى الكلام قائلاً والدى العزيز : لقد استدعوك للجيش مرة أخرى ،فاجاب الأب دون تردد نحن من خوضنا الحروب وظللنا بالجيش من النكسة للانتصار ،ومستعدين لفداء أرض مصر ألف مرة أعطته إجابة والده دافعاً فقال بابتسامة هادئه، لقد نقلت اليوم أنا وعدد من زملائي للنقطة الأمنية بمعبر رفح، وقع الخبر عليهم كالصاعقه فانقبضت ملامح الأم وزاغ بصرها بين جدران  الصمت المحيطة بهما ،بينما انهارت الشقيقة فى البكاء، حاول أن يهدأ من روعهما قائلاً الوطن يحتاج رجال من الجبال، ونحن خير إجناد الأرض ،
حزم حقائبه وأغراضة وقفز إلى السيارة التى تقلهما تجاه معبر رفح البرى، كان كل منهما صامتاً غارقاً فى تفكيره، وكلما اقتربت المسافات ذادت الصور التى شاهدها على مدار الأيام الماضيىة من بروزها داخل مخيلته، فالشاشات طوال شهر كامل منذ طوفان الاقصى لم تتوقف عن بث مشاهد الاجتياح الصهيونى، والمعارك الضارية مع افراد المقاومة ،وصور القتلى، والجثث الاشلاء، وكلما إقتربت صفائح الشمس من الغروب ذادت دقات قلبه، وتصارعت أفكاره حتى وقف عاطف ذلك الجندى القادم من أقصى الجنوب، والذى لونت جبينه لفحة الشمس الحارقه فى محاولة لفك حصار الصمت الذى ساد الجميع، فاخذ يردد كلمات الفاجومى وهو يتراقص، واه يا عبدالودود يارابض على الحدود ومحافظ على النظام ..كيفك ياواد صحيح عسي الله ان تكون مليح وراقب للامام ..امك ع تدعي ليك وع تسلم عليك وتقولك بعد السلام خليك ددع لابوك ..من هنا القرايب والعيلة والعيال ع يبلغوك سلامهم ..حسك عينك تزحزح يدك ع الزناد خليك يا عبده رابض لساعة الحساب ..وقبل ان ينتهى كانت الأفواه تردد مع الكلمات الحان الشيخ سلامة حتى تحولت السيارة إلى خشبة مسرح ما بين راقص وملحن ومغنى ولم يتوقف الجميع إلا مع توقفت السيارة أمام المعبر لينزل الجميع ملقين التحية للقائد والتمام ،
وبعد مرور أسبوع من وقوفه أمام المعبر ومن هول ما شاهده أمسك بالقلم ليكتب رسالة الى والده.. 
والدى الحبيب.. اكتب إليك كلماتى وقد تكون الأخيرة أو قد لا تكون.. لا أصف إليك ما نراه كاملاً فقسوة  المشهد فاقت حد الوصف.. أعيننا باتت لا ترى سوى جحيم جهنم على الأرض ..صوت القنابل والرصاص لا يتوقف لحظة.. الدخان يخرج من كل شئ.. الحرائق تلتهم الأجساد.. جثث الأطفال مبعثرة فى كل مكان.. أهالى القطاع يحاصرهم الموت من كل جانب لا ماء ولا كهرباء ولا مستشفيات..  فالمنازل تتهدم فوق رؤؤسهم والرصاص يحصد أرواحهم كل لحظة ..يفرون من الموت إلى الموت.. بيوتهم باتت عائمة على بركة من الدماء..عدوًا لا دين ولا ضمير حتى المحرم دولياً يستخدمه لقتل الأبرياء.. يصرخون ويستنجدون والعرب عاجزون عن القرار..يستفزوننا  كل لحظة حتى فى دخول المساعدات.. يدفعوننا للحرب دفعًا ..وصراعًا يجتاحنا أنا وزملائي للاشتباك لكنها الأوامر بالصبر ..ما أقسى أن ترى طفلاً فقد نصف رأسة أو بترت أرجله ويداه..او راجلا يحمل جزءا من فلذة كبده  وينوح بالبكاء فلا مستشفى يذهب اليها ولا مأوى فالكل اصابه الدمار، فيضعه أمامه حتى يفارق الحياة 
والدى الحبيب ..لا أطيل عليك ، سلامى لخالى  الاستاذ حجازى وخطيب أختى النقيب محمود، وعمى فاضل، وخالتى أم محمد وقولها دعواتك لعصام فقد تكون الشهادة أقرب من المجئ ورؤياكم !!
 

تابعنا على فيسبوك

. .
izmit escort batum escort
bodrum escort
paykasa bozum
gazianteplie.com izmir escort
18 film izle erotik film izle
deutsch porn