شكراً لكونها أمي.
لعلها الفطرة التي تجعل المرأة كلما توجعت أحبت وبشدة لدرجة أن تحب شيئا بديعاً لم تره بعد .
نعم سرت اللحظات تلك على كل أم وضع الله روحاً بين أحشائها ، فمرت بأطوار الوهن على وهن وتحملت تلك التقلبات والتغيرات بنفسها ، لم تبدي أهتماماً بجسدها المترهل وقدميها المتورمة وملابسها وقد ضاقت ونومها وقد تقلقل وروحها وقد أنهكت لم تبدي اهتماماً سوي بلمس أصابع صغيرها وأن تسرع عيناها لترى فلذة كبدها ومن ثم تحضتنه وتمتليء عيناها بعبرات الفرح والدهشة .
نحن ندين لأمهاتنا بالكثير ، بأرواحنا على الأقل بأعمارنا ندين لهن لأجل كوب الشاي صباحاً قبل المدرسة وللحقيبة المرتبة والغداء الدسم ، لأجل مذاكرة الدروس وكتابة الواجب وفرض الرياضيات ومفردات الإنجليزية الصعبة .
نحن ندين لأمهاتنا لأجل ملابسنا النظيفة دوماً والمهندمة رغم تعب الوقوف على المكواة ، لأجل أرغفة الخبز التي يعبق المنزل برائحتها ، لأجل الدعاء الطويل كل فرض ولتمتماتهن على سجادات الصلاة ، لذلك الغطاء في الشتاء لقطع الثلج في الصيف ، لأجل قميصي الذي تحيكه ومرضي الذي ألم قلبها .
كانت أمهاتنا دوما وأبداً خارقات ، أكبر قوة يمتلكنها قبلة حانية وعناق شافٍ .
ولن تعبر الهدايا والجمل أبداً عن عظيم العمل وجزيل الشكر ، لن يُوفى الحق أبداً ، لكنها شكرا بقدر ذلك العرفان الذي يحمله كل شخص فينا ، كل رجل وامرأة ، كل شاب وطفل ، شكراً لكل أم أستطاعت أن تحيي خصلة جميلة أو تربي فضيلة حسنة ، شكرا لكل أم أستطاعت أن تبني فكراً وتشكل عقلاً متحضراً شكراً للسيدات جميعاً في كل بقعة تضيء شمعتها امرأة شكراً لكل أم وخالة وعمة وجدة وزوجة وابنة تحية لمن تحملن ، ولمن سيتحملن دوماً لأولئك الذين يظللون أسقف بيوتهن بأجنحتهن .
وسلاماً لأمي ذلك الملاك الحارس الذي يضع لي جميل أساساتي وفضائل قواعدي ، لتلك العينان اللتان تضيء حياتي ، لقدوتي الأولي والأخيرة ، للمعلمة الأولي في عمري لملهمتي دوماً ....... شكراً