الشارع يصرخ: أين أنتم يا نواب؟!"

على مدار السنوات الماضية، ظلّ المواطن المصري يشارك في انتخابات مجلسي الشعب والشيوخ، أملاً في التغيير وتحقيق أحلام طال انتظارها، لكن ما إن تُغلق صناديق الاقتراع حتى يبدأ الصمت النيابي، ويختفي من ظنّ الناس أنهم ممثلوهم، ليحلّ مكان الأمل إحباط، ومكان الصمت صراخ.
الواقع مخزٍ، والشارع يتحدث بلغة الغضب، وقد بلغ السيل الزُبى. فبدلاً من أن نجد النواب في قلب الأزمات، نراهم في صدر المناسبات الاجتماعية فقط. لا صوت لهم في طلبات الإحاطة، ولا أثر لتفاعلهم مع قضايا الناس، ولا قانون واحد خرج من تحت قبة البرلمان خفف عبئًا عن كاهل المواطن.
بل على العكس، كانت القوانين التي تم إقرارها خلال الدورات السابقة بمثابة خناجر مغروسة في ظهر المواطن، من قوانين الإيجارات، إلى الضرائب، إلى تقنين المخالفات، إلى رفع الدعم. أين كانت رقابتهم على الحكومة؟ أين كانت لجانهم في مواجهة الفساد والغلاء وانهيار الخدمات؟
ومع اقتراب كل دورة انتخابية، يعودون إلينا بوعود مكررة، وكلمات منمقة، وابتسامات زائفة، وحملات دعائية تكلف الملايين، بينما المواطن لا يجد ثمن العلاج أو وسيلة نقل آدمية أو مأوى يحفظ كرامته.
لقد سئم الناس الكذب، وتعبوا من الوعود، وملّوا من النفاق السياسي. الشارع لم يعد يصدق أحدًا، لأنه ببساطة لم يرَ شيئًا. الناس تصرخ: "أين أنتم يا نواب؟ أين أنتم ممن انتخبوكم؟ وأين أنتم من وجع الناس؟". صرخات الأمهات، شكاوى العمال، وجع الشباب العاطل، كبار السن المتروكين في طوابير المستشفيات—كلها تسقط في آذان صماء.
إن ما نعيشه من فساد إداري، وغياب للرقابة، وتردٍ في الخدمات، وانفصال كامل بين النواب والناس، ليس أزمة عابرة بل ظاهرة مستمرة. البرلمان، الذي يُفترض أن يكون بيت الشعب، أصبح غريبًا عن الشعب، منفصلًا عن الشارع، إلا في موسم الانتخابات.
ولذا، فإننا نوجه هذا المقال كصرخة حقّ، لا نوجهها لحزب أو تيار، بل لكل من جلس على مقعد نيابي، أن يتقِ الله في هذا الشعب، وأن يعلم أن المناصب لا تدوم، وأن التاريخ لا يرحم.
ختامًا:
يا سادة، الناس لم تعُد تحتاج إلى شعارات، بل إلى قوانين تنقذهم، ومواقف تدافع عنهم، وصوت يسمعهم. فعودوا إلى الناس، أو على الأقل، لا تتكلموا باسمهم وأنتم لا تعرفون وجعهم.