محمود سامح همام يكتب: دولة واحدة تستطيع قلب الموازيين في حرب غزة
يوم ١٣ أكتوبر ١٩٧٣ حيث لم تكد تمض عشرة أيام على حرب سوريا ومصر ضد العدوان الإسرائيلي ، لاسيما شهد تحولاً بارزاً غيرّ بصورة كاملة من موازيين القوى العظمى، حيث قامت دول عرببة وعلى رأسها السعودية التي كانت ذات دور مؤثر في دعوتها للدول العربية لتوحيد الصفوف وتقديم المساندة للدول المعتدي عليها إبان حرب ١٩٦٧م، وهنا استخدم العرب سلاح لأول مرة يُستخدم في الحروب ألا وهو سلاح النفط، حين قررت الدول العربية في البداية رفع أسعار النفط وتخفيض انتاجها من النفط وتوقف شحناته للدول التي دعمت إسرائيل بشكل مباشر مثل امريكا وهولند وبريطانيا وغيرهم، حتى قاموا بحظر النفط تماماً كعقاب وسلاح قوي على تلك الدول اثناء الحرب،حتى اسفرت تلك الاستراتيجية على توقف دعم دول الغرب لدولة الاحتلال.
بعد استراجعنا لأحد عوامل نصر حرب أكتوبر ٧٣، واستشهدنا بدور السعودية الفعال في الحرب، وبالرغم من أن السعودية في تلك الحقبة وزنها السياسي والعسكري والاقتصادي لم يكن مثل يومنا هذا فقد كانت مغمورة لا تُذكر بشئ على الصعيد الدولي.
هنا نستطيع أن نطرح سؤالاً كحل لمعضلة الأزمة الفسلطينية، الذي يتمثل في ماذا سيحدث لو استخدمت دولة السعودية سلاح النفط مرة أخرى لفك قبضة العدوان الصهيوني على فلسطين ؟
بداية، سوف نتناول الحديث عن اقتصاد السعودية العملاق في ألفيتنا الحالية، حيث يعد اقتصاد السعودية من أكبر عشرين اقتصاداً في العالم، وأكبر اقتصاد في العالم العربي وكذلك في منطقة الشرق الأقصى وهي عضو دائم وقائد في منظمة الأوبك للبترول، بالأضافة على أنها عضو دائم في مجموعة دول مجموعة العشرين، كما أن المملكة تمتلك ثاني أكبر الموارد الطبيعية قيمة في العالم بقيمة تبلغ ٣٥ تريليون دولار، وأيضا بحوزتها اكبر مصادر النفط في العالم ولديها خامس أكبر احتياطات مؤكدة من الغاز الطبيعي وبالتالي تعتبر قوة عظمى في مجال الطاقة، بالإضافة إلى تطورها البارز في المجالات الاقتصادية والعسكرية والسياسية على المستويين الإقليمي والدولي، كل تلك المؤشرات تجعل من السعودية قوة عظمى لها سياستها الخاصة وتهيمن بشكل كبير على السوق الدولي.
خناماً، بعدما تحدثنا عن مكانة السعودية الإقليمية والدولية، دعونا نسلط الضوء على فرضية قيام السعودية بالتدخل المباشر لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على فلسطين وتجميد عملياتها الأشبه بالإبادة الجماعية، ذلك عن طريق إعادة تمكين استراتيجية حرب أكتوبر، وهو بأن تستخدم السعودية سلاح النفط كسلاح سياسي لثاني مرة "الحظر الانتقائي" للنفط، بمعنى معاقبة كل من يدعم الكيان الصهيوني بحظر النفظ عنه، وبذلك سوف تضع السعودية ثلاثة اختيارات أمام الدول الداعمة للاحتلال على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية؛ الأول هو أن يتحملوا نتائج الكارثة الاقتصادية التي سيسببها حظر النفط، أما ثاني اختيار امامهم هو أن تشن تلك الدول حرب حتى تضمن إعادة تدفق النفط لهم مرة أخرى، بالنسبة لثالث اختيار ببساطة تقوم واشنطن بإيقاف الدعم لدولة الاحتلال وتطلب منها التوقف عن غاراتها العسكرية في غزة التي ينشب عنها مجازر إنسانية، وذلك لأن السياسة الأمريكية لن تقبل بأي موقف يؤثر على قوتها الاقتصادية، بالإضافة إنها تعتمد في قراراتها الحاسمة بشكل عام على التوجهات الاستراتيجية.
ولكن اختلفت اليوم سياسة المملكة العربية السعودية عن سياستها فالقرن العشرين، حيث اضحت سياستها ومرامها هو مكاسبها ومشاريعها الاقتصادية فالبند الأول من قائمة اولوياتها، أما القضية الفلسطينية بالنسبة لها ربما اصبحت بعيدة عن محط اهتمامها بشكل ما، ونلاحظ ذلك بكل وضوح في تصريحاتها التي لا تبين تضامنها بشكل مباشر وبارز لفلسطين بل تقوم على إدانة الطرفين وفقط، ولكن ربما تعيد الرياض حساباتها وتتبني القضية فيما بعد.