محمود سامح همام يكتب: ثمانون عاماً من الصداقة بين مصر وكوريا الجنوبية
تعد العلاقات المصرية مع كوريا الجنوبية من بين العلاقات الدبلوماسية المهمة والمتنامية بين البلدين. حيث تتميز هذه العلاقات بالتعاون الاقتصادي والتجاري المتزايد، إضافة إلى التبادل الثقافي والتعاون في مجالات عديدة. تأسست هذه العلاقات على أساس التعاون المشترك والاحترام المتبادل، مما ساهم في تعزيز الروابط الثنائية بين البلدين على مختلف الأصعدة، ترتبط الدولتان بأواصر تاريخية ثقافية وعلاقات متميزة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي ساعدت على انتقال الأفراد والمبادلات الاقتصادية والحضارية بين البلدين، مما يؤكد المصير الواحد والمشترك لهما.
وعلى غرار العلاقات المصرية الكورية الصلبة يمكننا طرح سؤالاً حول كيف يمكننا تعزيز التعاون وإحراز المزيد من التقدم في العلاقات بين البلدين في السنوات المقبلة؟
فالبداية سوف تنتاول تاريخ العلاقات المصرية مع كوريا الجنوبية، حيث يعود تاريخ بداية العلاقات بين البلدين لعام ١٩٤٣، حيث انطلق إعلان القاهرة الذي منح الاستقلال لكوريا الجنوبية من فندق مينا هاوس. وهذا الإعلان يمثل أهمية كبرى بالنسبة للكوريين لأنه أول واحد أهم الإعلانات العامة التي تبناها المجتمع الدولي في ذلك الوقت والذي لفت الانتباه أن كوريا الجنوبية يجب أن تكون حرة ومستقلة، وهو بالفعل ما تحقق بعد الإعلان بعامين ، واعترفت القاهرة رسمياً باستقلال جمهورية كوريا الجنوبية.
ثم قاما البلدان مصر وكوريا بترقية العلاقات الدبلوماسية عام ١٩٩٥ لدرجة أعلى من التي كانت قائمة بينهما منذ عام ١٩٦١ إلى مستوى سفارة، ثم تتوالي تحسن العلاقات بين البلدين حيث تم تبادل المحلقين العسكريين لكلتا البلدين في الفترة مبين عامين ١٩٩٦ إلى ٢٠٠٥.
وعلى غرار تعزيز التعاون بين البلدين، حيث تشكلت لجان من البلدين لصياغة إطار مؤسسي للتعاون الثنائي مثل لجنة المشاورات السياسية، واللجنة المشتركة في مجال الاتصالات والتكنولوجيا ومجلس الأعمال المشترك، وتلك الأعمال كان لها دور بارز في زيادة التفاهم والتنوع لمصالح واهداف البلدين. بالأضافة إلى الزيارات المتبادلة بين رؤساء ووزراء البلدين من حين لأخر التي مما لاشك انها أسهمت في توقيع العديد من الإتفاقيات والإنفاقات التجارية والاستثمارية المهمة، كما ساهم في تعميق الفهم المتبادل وبالتأكيد عزز الروابط الشخصية بين الشعبين،
إستكمالاً، يتسم قيمة التبادل التجاري والاستثمارت بين مصر وكوريا الجنوبية بالنمو والازدهار حيث وصلت قيمة التجارة لعام ٢٠٢٣ إلى ٣,٩ مليار دولار بنسبة أرتفاع قدرها ٦٩,٩٪، وهذا يوضح لنا على مدى قوة التعاون الاقتصادي المشترك بين البادين.
وبالحديث عن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين على مستوى السفراء، يتمتع سفير مصر في كوريا الجنوبية "خالد عبدالرحمن حسن " الذي يعد سفيرًا فعالًا ومتخصصًا في الشؤون الدبلوماسية، ولديه القدرة على تعزيز التفاهم والتعاون بين البلدين على مختلف الأصعدة.
بالإضافة لقيامه بعقد لقاءات واجتماعات مع المسؤولين الكوريين في الحكومة والشركات الكورية والمؤسسات الثقافية والأكاديمية. حيث يعمل على تعزيز التبادل التجاري والاستثماري وتطوير الشراكات الاقتصادية بين البلدين، مما يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل.
وعلى ذكر إنجازات السفير المصري بتاريخ ٢٣ يونيو ٢٠٢٣ افتتح مراسم افتتاح معرض الاستيراد الكوري بمشاركة ٥٧ دولة من مختلف قارات العالم، كما قام بعقد العديد من اجتماعات توفيق الأعمال المشتريين والمستثمرين الكوريين وغيرها من الاعمال، وجميعها كانت بموجب زيادة التعاون والتبادل التجاري بين البلدين بغرض الترويج لعدد من القطاعات الإنتاجية المصرية، بالإضافة إلى التعريف بتطور الصناعة المصرية وإشباع الاحتياجات الكورية من السوق المصري.
ختاماً، يمكننا استخلاص بعض التوصيات التي يمكن أن تعزز العلاقات بين مصر وكوريا الجنوبية: فيمكننا تعزيز التبادل التجاري عن طريق توسيع نطاق التجارة بين البلدين وتشجيع المزيد من الشركات على الاستثمار والتعاون المشترك في مجالات أخرى بشكل واسع النطاق لمقومات البلدين، كما يستوجب تشجيع وتعزيز التعاون الثقافي والتعليمي وتنظيم المزيد من الفعاليات الثقافية والتعليمية المشتركة، بما في ذلك تبادل الطلاب والباحثين وتنظيم الندوات وورش العمل، ومما لاشك أن يجب على الممثلين للبلدين تعزيز الروابط الشخصية والتواصل عن طريق تشجيع الزيارات الرسمية والتواصل المباشر بين المسؤولين والشركات والمؤسسات في البلدين، لتعزيز التفاهم وتوسيع الشبكات الشخصية، كما نستطيع أن نعزز العلاقات بتعزيز التعاون العلمي والبحثي، حيث أن تعزيز التعاون في مجال البحث العلمي وتبادل الخبرات والتقنيات المتقدمة في مجالات مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الحيوية والطب يساعد على تبادل الخبرات والعلم النافع بين البلدين، كما أننا نقترح على البلدين توسيع نطاق تعزيز التعاون والتشاور السياسي بين البلدين في القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وتعزيز التعاون في المنظمات الدولية .من خلال تنفيذ هذه التوصيات، يمكن تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر وكوريا الجنوبية وتحقيق التنمية المشتركة والازدهار في البلدين. يتطلب الأمر التزامًا متبادلًا وجهودًا مستمرة من الجانبين لتحقيق هذه الأهداف، ولكن النتائج ستكون ذات قيمة عظيمة للبلدين وشعبيهما.