فريد عبد الوارث يكتب : لماذا غيرت الفصائل الفلسطينية قواعد اللعبة ؟
نجحت الفصائل الفلسطينية المسلحة خلال ساعات قليلة في إحداث زلزال عسكري و سياسي و اجتماعي كبير في إسرائيل ، و بددت نظريات الأمن الإسرائيلي و كشفت عورات المجتمع المهترئ و المفكك داخل دولة الكيان الغاصب ، ليس ذلك و حسب ، بل إنهم حققوا أكبر اختراق مخابراتي و أمني و عسكري للصهاينة منذ حرب أكتوبر المجيدة .
و ظهر جلياً ضعف و وهن إسرائيل في أي مواجهة عسكرية على الأرض و باتت دولة غير آمنة و غير مؤمنة بالمعنى الكامل للكلمة ، كما أعادت تلك الأحداث الروح للمقاومة العربية و أحيت الآمال في جيل لا يعرف التطبيع و لا الخنوع .
غير أن التفسير الظاهر يختلف عن الأسباب الحقيقية التي قادت حماس و باقي الفصائل إلى المجازفة الكبيرة و عمليات القتل و الأسر و الاختراق التي قامت بها داخل حدود " غلاف غزة " ، و التي تعني عمليا الذهاب إلى نقطة اللاعودة ؟ حيث أن كل ماحدث كان متاحاً أمام تلك الفصائل منذ سنوات طويلة لكنهم لم يقوموا به سوى مؤخراً ، حيث كانت المواجهات تتم بدقة و حسابات حساسة و إلى حدود و خطوط حمراء معروفة من الجميع .
و إذا أردنا معرفة الدوافع الحقيقية لما حدث فعلينا تحليل تصريحات " إسماعيل هنية " التي تحدث فيها عن مخطط أمريكي إسرائيلي بدعم و موافقة خليجية لتفريغ القطاع و نقل سكانه لسيناء و الشام و العراق !!
تحدث " هنية " عن معلومات مؤكدة عن نية الكيان للسيطرةالمطلقة على الأقصى و توطين ٢ مليون يهودي !
و لعل خطاب "هنية " يوضح أنه كان هناك حدث ضخم تم الإعداد له من الجانب الإسرائيلي ضد غزة ككل
بما فيها حماس بشكل خاص ، مما دفعهم للتخلي عن سياستهم القديمة في العمليات العسكرية المحدودة و تحويلها إلى شكل جديد مختلف تماما و غير مسبوق حتى في تاريخ أي كفاح ضد المحتل الإسرائيلي .
و لا أعتقد أن " حماس " عندما تقرر تطوير الهجوم بهذا الشكل حيث لا عودة فيه للوراءفلا بد أنها قد علمت علم يقيني أن القادم المخطط له فيه نهايتها و نهاية سلطتها أو نهاية غزة ككل من التواجد علي الخريطة الفلسطينية ، و من ثم تحركت حماس و الفصائل الفلسطينية لإحداث صدمة كبيرة داخل الأوساط الإسرائيلية تجبرها علي التراجع عن خططها الحالية و الرجوع إلى الخلف و أيضا تشكيل ضغط سياسي عنيف جداً علي حكومة نتنياهو قد يؤدي في النهاية إلى تغيير أو تأجيل تنفيذ المخطط الإسرائيلي .
و في كل الأحوال ، تبقى مصر هي المستهدف الأول و تظل حائط الصد و حصن الأمان بقيادتها السياسية و جنودها الأبطال ، كان الله في عونهم ، و حفظ بلادنا و أقصانا و نصر شعب فلسطين على المحتل الغاصب .