صفوت عمران يكتب: عزيزي المسئول .. طاقة المصريين نفذت!!
يشكو الكثير من المسئولين أن المواطنين لا يدركوا حجم الجهود المبذولة، ولا يعرفوا ما تقوم به الدولة من عمل، وما تواجهه من تحديات، وهؤلاء يغضبون من أي نقد شعبي .. وهنا يبقى السؤال:
لماذا فشلت مؤسسات الدولة في تسويق ما تقوم به من جهود؟!
هل يمكن أن يصدق المواطن أن هناك نجاحات وإنجازات بينما فاتورة حياته تتضاعف بشكل مستمر بينما فاتورة دخله محلك سر؟! وقدرته على تحمل تكاليف الحياة الكريمة تنخفض سواء على مستوى التعليم أو الصحة أو المعيشة أو الخدمات أو غيرها؟!
هل المواطن يمكن أن يشعر بالسعادة بينما نار الغلاء وزيادة الأسعار تجعله إما أن يقبل الفقر وذل الحاجة، والتقشف في أفضل الأحوال أو يتحول إلى فاسد ومرتشي وناهب للمال العام ويتنازل عن دينه وخلقه .. والخيارين كلاهما مر؟!.
المواطن لا يأكل كلام معسول، ولا يصرف على بيته بالتصريحات الوردية، ولا يريد ضياع الدولة أو هدمها، لكنه يعيش حالة من الاستغراب عندما يسمع كلام المسئولين ويقارن ذلك بالأمر الواقع الذي يعيشه كل يوم؟!.
مصر ليست فقط هؤلاء رواد مناطق الـ Vip في الساحل الشمالي الذين لا يتجاوز عددهم 2 مليون شخص، وبصراحة ووضوح لن يصرف من مليون جنيه إلى 10 مليون جنيه في شهر مصيف لأسرته إلا حرامي ولص وناهب المال العام، ولن يقبل أي رجل عصامي بهذا السفه مهما كانت ثروته، الذي فاق اسعار السفر إلى أجمل بلاد أوروبا.. لن يفعل ذلك لمجرد التقاط كام صوره يرضي بهم خلل نفسي بأنه مازال ينتمي إلى الطبقة العليا، حتى لو من خلال ادعاءات كاذبة.
كيف لمواطن بائس يسكن في صعيد مصر أو الدلتا أو الصحراء، لم يعد يأكل «اللحمة حمراء وبيضاء» إلا في المواسم والاعياد، ويعاني نار اسعار الوجبات الشعبية، ينكوي شهرياً من فاتورة الكهرباء ويجدد باقة الانترنت بالعافية، أن يشعر عندما يشاهد في التلفزيون أو على مواقع التواصل الإجتماعي، مطرباً مشهوراً يقول أنه اشترى قميص لحفلته الأخيرة بـ 40 ألف جنيه، ولاعب كرة يشارك في إعلان مردتيا «طقم ملابس» يتجاوز ثمنه 200 ألف جنيه، وفنانة مبتدئه ترتدي فستان لمرة واحدة في مناسبة فنية بـ 70 ألف جنيه، بينما الفنانة الأكثر شهرة ترتدي فستان يتجاوز ثمنه الـ 500 ألف جنيه، كيف ينظر هذا المواطن للفوارق الطبقية التي صنعها الفساد والسفه في بلده؟! ثم تطلبون منه أن يشعر بالرضا وعدم الغضب؟!.
كيف هو شعور شاب تخرج حديثا من جامعته، بينما يدرك أنه لن يجد وظيفة، وإذا توظف عبر واسطة صعبة المنال فدخله لا يكفيه للحياه بمفرده، ومطلوب منه أن يبحث عن بناء بيت وأسرة، بعدما أصبحت تكاليف الزواج تبدأ من مليون جنيه وتتصاعد دون توقف؟!.
لماذا تحول أغلب الشباب خريجي الطب والهندسة والصيدلة ومختلف الكليات، إلى البحث عن فرصة عمل في الخارج، بعدما ضاقت بهم السبل في وطنهم، وبات السفر خارج الوطن الوسيلة الوحيدة لإيجاد فرصة عمل وتوفير حياة كريمة، بعدما كانوا في عقود سابقة حريصين على المشاركة في بناء بلدهم والبقاء إلى جانب اهلهم؟!، متى أصبحت الغربة أحن على المواطن من بلده؟! متى بات التعليم في مصر ليس إلا فرصة لتحسين فرص الهروب من الوطن؟!، لدرجة أصبحت هجرة العقول خطر حقيقي يهدد مستقبل مصر؟! .. فمن المسئول عن هجرة 850 ألف عالم وخبير من مصر للعمل في الخارج، إلى جانب سفر ملايين من الفنيين والصنايعية والأيدي العاملة الماهرة، وفقاً لأخر الإحصاءات؟!.
لماذا أصبحت مصر مأوى للاجئين مجهولي الهوية، التي لا يعرف أحد مصادر أموالهم، ولا تأثير وجودهم على التركيبة الإجتماعية، بينما أولادها يقولون: «يا رب هجرة»؟! ...هل هناك من يبحث ويستخلص العبر والنتائج؟! ... ويضع روشته لعلاج هذه الأوضاع الإجتماعية المتناقضة والمرتبكة؟!.
كيف ترون تفكير أغلب المصريين في الفرار إلى الخارج بحثاً عن فرصة عمل باتت عزيزة في بلدهم، حتى لو عاشوا مرارة الغربة عن الأهل والوطن، في بلد بات الكثير من رجالها يقضون أغلب حياتهم بعيداً عن بيوتهم وأسرهم؟!.
مواطن مصري سافر لأداء فريضة الحج في 2010 كان الريال السعودي= 1.2 جنيه بينما مواطن مصري أخر سافر لأداء نفس فريضة الحج في 2023 وقد أصبح الريال السعودي= 10.5 جنيه .. الحج لم ترتفع تكلفته.. فقط عملتك المحلية خسرت أكثر من 80% من قيمتها .. وقس ذلك على مختلف أسعار السلع والخدمات العامة.. فمن المسؤول؟ ومن الذي يجب أن يضع الحلول؟ ومن الذي «يحاسب على مشاريب» هذا الغلاء والتراجع، فقد أصبح المواطن غير قادر على «دفع فاتورة» أزمة لم يكن سبباً فيها يوماً من الأيام، مهما قالوا غير ذلك؟!.
هذا وغيره مشاهد لواقع نعيشه .. لذا عزيزي المسئول.. لا تغضب .. ولا يضيق صدرك .. ولا تفتري .. وأعلم أن الحياة قصيرة مهما طالت .. وأعلم أن المصريين أكثر شعوب الأرض تحملا لمصاعب الحياة لكن الإنسان طاقة .. وطاقة المصريين وفقاً للمتفائلين أوشكت على النفاذ بينما الواقعيون يؤكدون: طاقة المصريين نفذت.. وهذا خطر لو تعلمون عظيم.