محمد القاضي يكتب " المضحكات المهلكات "
وجدت قدراً، وأنا أقلب في القنوات: امرأة تخبط خبط عشواء، وتهرتل في الشرع الشريف، وهي صارت معروفة بالهجوم على الفقه ورجاله، وتتكسب من هذا العمل الممقوت، وقد أفرد لها المذيع الذي ليس له (كتالوج) ولا يتبع منهجاً محدداً، فهو يستضيف دائماً من يجعله محط النظر سواء أكان عالماً ربانياً أم ملحداً علمانياً، المهم أن يكون متصدراً، ودعك من أي مبادئ أو قيم، أو حتى أصول تعارف عليها الإعلاميون، وترك لها الحبل على الغارب، بل استضاف لها أخرى، أو ربما تكون مذيعة مثله، فلم أتحمل استماع بقية اللقاء، وقد جاءت هذه المرأة التي تعمل بالمحاماة بكلام شاذ وغريب، وقول مخترع عجيب، وتجرأت على التفسير جراءة مريبة وقالت ما لا يقله أحد، فكان مما سمعته، أنها تقول إن الله يقول في القرآن (يوصيكم الله في أولادكم) فالله يأمر الناس أن توصي لبناتها، ولم يجعل لذلك حداً كما يدعي الناس الثلث، ولا يوجد في القرآن قول الثلث إنما هو قول فقهاء، ولا أدري من أين جاءوا به، واستمرت في هذا الهراء والافتراء، و أكبر الظن عندي أنها مُلقنة، وتقول ما يُملى عليها، والدليل أنها لم تذكر ولا آية إنما كانت تقول ما تريد من التفسير المنكوس المعكوس، وتقول راجع الآية رقم كذا دون ذكرها، والمذيع يجاوبها كأن كلامها الحق، وحديثها الصدق هو ومن معه ليلبسوا على المشاهد، ولم يأت لها بمتخصص يراجعها، أو يرد عليها لأن هذا الأمر مقصود، وهكذا يراد له أن يظهر ليلبس على العوام، والنساء، وكثير من الذين لا يقرأون في الدين.
ويكفي من علامات جهلها وتدليسها المتعمد أنها لا تفرق بين (يوصيكم الله) الآية- التي ذكرتها- والمقصود بها كما أجمع أهل التفسير أي : يعهد إليكم.. ويفرض عليكم، وبين الوصية التي تقع على سبيل البر والصلة، وهي شيء يؤخذ بغير عوض.
وكذلك تتجاهل أن الذي حدد الثلث في الوصية هو رسولنا -صلى الله عليه وسلم -في الحديث الصحيح الذي رواه مالك، وغيره عن ابن شهاب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه قال: جاءني رسول الله -صلى الله عليه وسلم -يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي، فقلت: يا رسول الله، قد بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا" ، فقلت: فالشطر؟ قال: "لا" ، ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الثلث، والثلث كثير. إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس... إلى آخر الحديث"
وهذا الذي أجمع الفقهاء عليه وأخذوا منه أحكامهم ،
وقد استغربت من القناة، والمذيع، ومن يقومون عليها؛ لتركهم مثل هذه تخدع الناس، وتدلس عليهم، وكما يقول العامة (تبرطع) في الدين، وتأتي بطوام في الفقه وبتعبير العامة (تهرجل)، ثم ما لبست أن زال عجبي لما تذكرت أنها خطة ممنهجة، ومدبرة كما ذكرنا قبل ذلك، فلا عجب لأن الدين هو الكلأ المباح والحمى المستباح كما ذكرنا مراراً.
