تراجع اللسان العربي ... أزمة أمة و مأساة جيل بقلم :
مثلت اللغة العربية " لغة القرآن " العامل الأكثر قوة في بقاء الأمة العربية و تميزها و تفردها عن باقي الأمم ، غير أنها باتت اليوم في أضعف حالاتها على لسان أصحابها و خاصة من النشء الصغير !
و لعل السبب الأوضح لذلك التراجع يتمثل في أساليب التدريس الروتينية التي تقوم على الحفظ و التلقين بعيداً عن مهارات التفكير التحليلي و النقدي ، حيث يجري تدريس اللغة بقوالب تجريدية جامدة تكاد تفصلها عن بعدها الوظيفي ، فمثلاً ، تتركز المناهج التربوية الرسمية بكافة الدول العربية في نصوص بعيدة كل البعد عن لسان الطالب المعاصر و عما يدور حوله من هموم و قضايا معاصرة ! و هو ما يؤدي نفوره و عدم فهمه لها .
و إلا ، فليقل لي أحدهم ما سبب ذلك الإصرار على تدريس قصائد العصر الجاهلي و ما بعده خلال التعليم الثانوي ؟ و كأن أهم قضايا العصر الحالي تتمثل في معاملة " شداد العبسي " لابنه عنترة و ما مارسه معه من تمييز عرقي ؟ و لعل ما سبق يوضح أهمية اختيار نصوص أدبية معاصرة ، تجنباً لصعوبة النصوص القديمة و ابتعاد مضامينها عن هموم طلبة العلم حالياً .
ناهيك عن صعوبة تلك النصوص حتى على معلمي اللغة أنفسهم ، مما يجعلهم يلجأون لاستعمال الألفاظ و المترادفات المعاصرة لشرح النصوص المقررة على الطلبة ، مما يفقد النص التراثي قيمته و يكاد يحوله لنص آخر !
و أخيراً ، نوجه سؤالاً لمن يقومون على تأليف و وضع المناهج و خاصة للغة العربية :
ما الذي سيدفع طلبة اليوم " الغائبين في جب وسائل التواصل الاجتماعي" على العودة لرمال الجاهلية و دماء حروبها و قضايا زمانها ؟