عبدالحى عطوان يكتب :- جريمة على الأبواب
جريمة جديدة على الابواب غداً يستيقظ المجتمع على تفاصيلها، يظل مندهشاً كيف حدثت يحكى عنها أيام وأيام ثم تختفى وتضاف إلى تعداد الجرائم التى قبلها ،فالعنف المتزايد في شوارعنا اليوم، والذى طفا على السطح بشكل هستيرى ليس وليد اللحظة الحالية، فلم يستيقظ المجتمع فجأة على طعن وذبح فتاة أمام جامعة، أو خنق قاضى لزوجته ودفنها، أو قيام أخ يبيع لحم شقيقته من أجل الميراث، أو أغتصاب طفل لطفلة باسيوط، أو أم تقتل أولادها الثلاثة وأنما هناك من المقدمات والأسباب والدوافع التى أدت بنا إلى هذا العنف الذى أصبح ممنهجاً وبشكل يومى ولا ينتهى بل سيتزايد مع الأيام فى ظل دوافع الجريمة المتزايده، إلا إذا وقفنا على الأسباب الحقيقية له وعلاجها::
أولاً ..لإبد أن نعترف جميعاً قيادة وشعباً ولا ندفن رؤؤسنا بالرمال أن لدينا مشاكل إقتصادية صعبة، طحنت أكثر من طبقه فى المجتمع أجبرت الأب والأم على الإنشغال الدائم بعيداً عن قواعد التربيه والأخلاق ترتب علي ذلك مشاكل إجتماعية ضخمه متمثلة فى التفكك الأسرى وأرتفاع نسبة الطلاق بشكل كبير خاصة فى طبقة صغار السن..
ثانياً..علينا أن نعترف أن الإعلام قدم وجبة دسمة ترسخ لمفاهيم العنف والجريمة بكل أنواعها، من خلال برامجه، و أفلامه ومسلسلاته، وكيفية عرضه للجريمة التى تجعل من المجرم بطلاً، وتجعل المجتمع يتعاطف معه، وفى ذات الوقت لم يقدم البديل الثقافى والتنويرى والتوعوي للمواطن، التى تزيد من مساحة التسامح والسلام الإجتماعى،
ثالثاً.. علينا أن نعترف أن الفن والأعمال الدرامية خلال الفترة الأخيرة باتت تصدر لنا تجارة المخدرات والسلاح والبلطجة، والقتل، وإهانة القدوة،على أنها طريق الشهرة والمجد والثراء، وحجز مكان فى صفوة المجتمع، لذلك وجدنا ممثلين معينين يكرهون الإستقامة، يقدمون هذة الأدوار فيتحولون إلى رموز يسعى الشباب للسير على نهجها.
رابعاً... علينا أن نعترف أيضاً من أسباب تزايد الجريمة والعنف إنتشار المخدرات وتنوعها، مع سهولة الحصول على بعض أنواعها مثل الشابو والاستروكس وخلافه، فقطاع كبير من الشباب دخل دائرة الإدمان مما ذاد من معدلات العنف بأنواعه ،
خامساً...علينا أن نعترف دون الدخول فى تفاصيل الجدل السفسطائي العقيم، أننا أصبحنا مجتمع يعيش التدين الشكلى ويفرط فيه، وبعيد كل البعد عن تعاليم الدين الحقيقى، فاستهوتنا القشور دون العمق ،وتاجج الإنقسام والإختلاف من أجل الإختلاف، فبات تغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، ودعم الصراعات السلطوية والترويج لثقافات موروثة وتأصيلها في العقل الجمعى هى أهدافنا، وليس تأصيل القيم والأخلاق والتسامح والعفو،
سادساً... أيضاً علينا أن نعترف أن تحول بعض المدارس الحكومية والخاصة من مؤسسات للتعليم والتربية، إلى مكاتب سمسرة يستعملها المدرسون للإحتيال على التلاميذ، من أجل كسب المال وبلوغ الثراء، بالترويج لثقافة التلقين والفهلوة جاء على حساب نشر قيم الفضيلة والأخلاق الحسنة النبيلة، والكارثة الأكبر خلو هذه المدارس من الجمال والفن، وأفتقارها لممارسة التلاميذ لكل ما يثرى الوجدان من أنشطة مسرحية وموسيقية ورياضية، وبالتالى لا يجد الطفل أسهل من العنف وسيلة كى يعبر بها عن نفسه ويتعامل بها مع زملائه.
والخلاصة...الجهل والحماقة والتطرف فى العناد والتدين الشكلى وعدم الإيمان بحق كل إنسان فى معتقده وآليات حياته، والشماتة والتشفى فى الضحية إنصافا للظالم والجلاد، هى الصفات التى يتزين بها مجتمعنا اليوم فغاب العدل والإنصاف، وأستشرى الزيف ، وأصبح الكذب والتدليس قاعدة ثابته يمكن البناء عليها، لنصرة الجانى على الضحية بل التطبيل للظالم لصالح إهدار حق المظلوم
وفى النهاية ...تبقى الدولة هى المسئولة بصفتها وبشخصها عن تزايد العنف فهى واضعة القانون ومسئولة عن تطبيقه ،وهى من تتبنى رعاة الفضيله الشكلية، وهى المنوط بها الإجابة على ذلك السؤال المرير كيف نقنع أولادنا بأهمية التعليم والبحث العلمى؟ إذا كان طفل صاحب أغنية شهيرة يجني من ورائها الملايين بينما الفئات الأكثر تعليماً لا تستطيع الحصول على الإكتفاء الذاتى من الإسياسيات الحياتية اليومية،واذا استمر الحال هكذا غداً نستيقظ على جريمة جديدة .