18:10 | 23 يوليو 2019

عبدالحى عطوان: يكتب الأم ومخدر الشابو

4:48pm 19/07/22
عبد الحي عطوان
عبدالحى عطوان

فجأة أستقظت الأم من نومها مذعورة، كادت أن تصرخ بأعلى صوتها، شعرت وكأن مغصاً أنتاب أحشائها أو هناك شيئاً يضغط على أنفاسها لتختنق، فقد سرى بين وجدانها ذلك الإنقباض، حاولت أن تتنفس الصعداء أن تتلو بعض الآيات، وقفت تلتفت يميناً ويساراً تتأمل جدران تلك الغرفة العتيقه، التى شهدت لحظة دخولها لذلك المنزل الكائن وسط المنطقه الشعبية منذ الخمسين عاماً مضت، بدأت تحادث نفسها، فسيل من الأفكار يطاردها ما هذا الشعور الكئيب الذى أنتابنى فجأة؟ هل جن جنونى؟ وما هذة البرودة التى تجمعت لتسرى بين جسدى؟ ولما روحى مسحوبة منى هكذا!! هل هى ساعاتى الأخيرة؟ هل حان قدوم ملاك الموت ؟..
طارت ناحية غرفة الأولاد فتحت عليهم الباب، تراجعت قليلاً للوراء لم تحتمل رائحة الغرفة، فهوائها يزكم الأنف وكأنه قادم من بين قبور الموتى، أضاءت نورها،انتابها الذهول ،حادثت نفسها بصوت مسموع ماذا جرى هنا هل تعاركا بالأمس سوياً؟ لم أسمع لهما ضجيجاً ،فكل الأشياء مبعثرة ومقلوبه، وقفت تنظر إليهما وهم يغطان فى نومها العميق ، فقد إنجبتهما فى السنوات الأولى للزواج، واليوم تجاوزا كل منهما العشرين عاماً لم يكملا تعليمهم، وأكتفيا بالمؤهل المتوسط، وعملا بمجال بيع الفاكهة بالمحل الذى تركه لهما والدهما بالشارع الكائن بالمنطقة الشعبية التى يقطنان بها،
أرتفع صوتها أكثر وأكثر، نادت عليهما، أمسكت بجلباب كل منهما، صرخت فى وجوههم ،فلم يستيقظا، برغم صوتها المذعور شجارها رفعت جسدها من انحنائته نحوهما ،وتساءلت بينها وبين نفسها ما الذى بدل حياتهم هكذا؟ وما سر هذا السبات العميق؟ وما الذى جعل من هيئتهما وكأنهما متسولان؟ لماذا أصبحا يشبهان أولاد الشوارع فى ملابسهم وشعورهم المتسخة ؟
أقتربت أكثر من سرير الصغير حاولت إيقاظه  بشتى الطرق فلم يستجب، قلبت بين ملابسه، فتشت جيوبه ،ما هذة اللفافة وما سر رائحتها الغريبه ؟غاصت بين طيات جسده الملقى دون وعى على السرير ، أمسكت بيديه، قلبت جسده ما هذة الآثار التى تبدو على جلده ؟ وما سر هذة التقرحات التى طفت على رجليه وبعض أجزاء من جسمه ؟ ولماذا أصبحا يعزفان عن الأكل والشراب ؟ 
ألقت بنفسها على الكرسى الكائن أمام الباب، حيث ترقرقت عيناها بالدموع، بدأت تناجى ربها بصوت مسموع، ماذا فعل وأين أذهب؟ فقد غادر الاب الحياة ورحل من سنين ،وترك لى تركه مثقلة بالديون ،ماذا أصابهم؟ هل يكون الإدمان قد أصابهم؟ هل تعودت على المخدرات؟ هل ضاع أبنائي؟  هل علاقتهم بالشارع أقوى منى؟ همت بالوقوف مسرعة دخلت إلى غرفتهم مرة أخرى، نادت عليهم بصوت مرتفع، فأستيقظ الإبن الأكبر حيث بدأ ينهرها، ويزيح من غضبه إتجاهها، سألته وهى تنظر إليه بعينان تملؤهما الدموع ماذا أصابكم؟ وما الذى حدث لكم؟كنت أرى فيكم زهرة شبابي ، قل لى الحقيقه بدون رياء، وأمام دموعها وصراخها وسؤالها عن الإدمان نطق مكذباً محاولاً أن يهدئ من روعها وذعرها، طلبت منه أن يأخذ أخيه آخر النهار للمعمل الموجود أمام المزلقان المفتوح، لعمل تحليل مخدرات؛ وافقا على مضدد ،بعد شد وجذب وشجار، وأصواتهما التى وصلت للجيران،
مرت الساعات ثقيله وكأنها تنتظر نهاية العمر حاولت أن تهدئ من روعها  أن تكذب نفسها ، جاءت النتيجة صادمة؛: فقد أظهر التحليل إدمان الإثنان لمخدر الشابو، اخذت قرارها السريع بلا تردد باعت ما تستطيع بيعه ، ذهبت للبريد سحبت ما وجدته فى دفتر التوفير ،حزمت حقائبها ورحلت بهم إلى أخيها الكائن بالقاهرة لتدخلهما مركزا لعلاج الإدمان،
داخل القطار  غابت عن الوعى أغمضت عيناها تأكت رأسها على يديها بجانب الشباك ، فالقطار غير القطار، والسفر غير السفر ،بدات تتوارد إليها الخواطر والأفكار أخذت تحاسب نفسها، تجلد ذاتها تأنب ضميرها، تراجع يومياتها، هل قصرت؟ هل أهملتهم؟ هل فإت الأوان؟  كيف وصل اليهما ذلك الملعون ؟فلم يغادرا فرش الفاكهة أبداً هل كانا يبتعاه من تلك الصبيه الذين يجندونهم الكبار؟ مثلما أعترفا أحمد إبن الجيران لوالده عندما أكتشفا ادمانه ؛   
أخذ القطار يتلو محطاته، وهى تائهة عن الوعى تماماً ما بين الحال، وضيق اليد، ونفقات العلاج، 
وفى النهاية.... رغم كل الجهود المضنيه التى تبذلها وزارة الداخليه ورجالها للقضاء على المخدرات وضبط مروجيها، إلا أننا برسالة اليوم الحقيقية التى ارسلتها لنا الأم ندق ناقوس الخطر، نحو مخدر الشابو الذى غزا كل المناطق الشعبيه والراقيه، وأقترب من كل الشباب لرخص ثمنه وسهولة الحصول عليه ومعامل تصنيعه  وتوزيع الصبيه له ،

تابعنا على فيسبوك

. .
izmit escort batum escort
bodrum escort
paykasa bozum
gazianteplie.com izmir escort
18 film izle erotik film izle
deutsch porn