18:10 | 23 يوليو 2019

عبد الحي عطوان يكتب : على حافة الإنتحار

3:54pm 18/06/22
صورة أرشيفية
عبدالحى عطوان

لفت انتباه كل الحاضرين عند لحظة دخوله إلي ذلك المقهي الشهير القابع خلف مجلس المدينة، فهو شاب في الثلاثين من عمره ، ملابسه الرثة المتسخة برغم ماركتها ، وشعر رأسه الغير منسق ولحيته الطويلة التي بدا عليها شقاء السنين ، التي تطرح الف سؤال وسؤال ، ابتعدت بعيناي التي بدت تراقبه في الخفاء حتي لا اخترق خصوصيته ، أو أسبب له نوعا من الإحراج .
لم أتمالك نفسي حينما أخذتني نظراتي إليه ؛ فراقبته بدافع فضولي، أجبرتني عليه هيئته الغريبه ، ألقي بجسمه گاملا علي ذلك الكرسي الذي يبعد بيني وبينه بضعة أمتار قليلة گأنه يزيح جبلاً من فوق أكتافه ، نام برأسه للخلف فاغراً فاه، ممدداً قدميه للإمام وگأنه التقي سريرأ هجره النوم فيه منذ سنين بشكل أثار دهشة كل الجالسين حوله ؛ فقد أراد أن يستريح.
وجدني العامل الذي تعودت علي ملامحه الهادئة الودوده وكلماته الداعبة كلما أقترب من مقعدي , شغوفًا به ، ونظراتي ممتده نحوه؛ فأقترب مني قليلاً ومال برأسه علي حتي يأخذ كلامه عزلتنا، همس بأذني قائلا: هل شاهدت ذاك الشاب الذي ألقي بنفسه بالقرب منك؟ وفي نظرة خافتة أدار برأسه في إتجاهه ، دفعتني رأسي التي دارت بها الأسئلة منذ رأيته أن أسأله ما به؟ 
وقبل أن أكمل السؤال سقطت كلماته ،گطلقات الرصاص قائلا: شاب خريج جامعة بحث عن فرصة عمل سنوات وسنوات وعندما لم يجد عملا أشتري توك توك يدر له دخلاً، كان يأتي يومياً هنا بمركبته ليستريح في منتصف النهار ، وفجأة أنقلب رأسه علي عقبه وتغيرت هيئته وطريقة كلامه وأهمل في نفسه ، وملابسه وبدأ يبيت علي المقاهي حتي اليوم التالي بدون طعام أو شراب .
دفعني ذلك الكلام إلي أن أقترب من مقعده أكثر ، رفعت له يدي مع نظرات عيناي ملقياً عليه التحية ، فلم يجيب !! انتظرت قليلاً حاولت أن أنشغل عنه بهاتفي أو كتابي ولكني وجدتني ألتفت إليه مرة أخرى أملا في أن يبادرني بالحوار ؛ فسارع في إزاحة عيناه إلي الجهة الأخري ، ثم بدت نظراته تراقب سقف المقهي محدثاً نفسه بهمهمات غير مسموعة وكأنه أراد أن يصلني رسالة ممنوع الإزعاج بالاقتراب مني أكثر
 مرت دقائق الوقت بطيئه ، لم أتمالك نفسي أكثر حتي هجمت عليه بصوت بدأ مسموعا بالدائرة المحيطة ، سألته كيف حالك؟ ومابك؟ خليها علي الله! ! . وقبل أن تنطق شفتاه بكلمة رداً علي أسئلتي وقف منتفضاً وقد ظهرت ملامح وجهه مقتضبة وأعضائه مشدودة ، موجهاً نظراته نحوي وباستدارة قليلة نحو الآخرين وبصوت بدأ مخنوقاً وشفاه ترتعش بكل الجفاف الذي غطي ملامحها ، وقبل أن تأخذه خطواته للخارج تاركاً لنا المقهي شمل الجميع بنظرات زائغة، وقال بصوت يرتجف :  أتركوني وشأني ، أنا لست مدمناً ،ولا متسولاً ، ولا مجنونا. 
أنا شاب مثل الكثيرين من أبناء جيلي ضاع طموحي مع الزمن.وخرج مسرعاً وهو يردد الموت أرحم من الحياة ،
وفى النهاية لا أعرف إذا كانت قصة هذا الشاب الحقيقية هى ملخص دراما حياتية لعدد كبير من الشباب اليوم آم مأساة غرقنا فيها بأختلاف تفاصيلها فالبعض عندما أنهارت قواه بحثاً عن فرصة عمل ضاعت مكوناته العقلية ، ودخل مرحلة الاكتئاب
 قصة هذا الشاب رسالة وناقوس خطر ، علي الدولة أن تنتبه إليها وتواجهها بكل مسئولية أن تكون هناك حلول عملية للبطالة قبل أن يغزو الأكتئاب شبابنا ويصبح على حافة الإنتحار
 

تابعنا على فيسبوك

. .
izmit escort batum escort
bodrum escort
paykasa bozum
gazianteplie.com izmir escort
18 film izle erotik film izle
deutsch porn