صفوت عمران يكتب: بايدن في الشرق الأوسط.. زيارة المملكة اعتراف بـ"قيادة السعودية" .. و"صفقة القرن" تعود للواجهة من جديد!!
أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي جون بايدن سوف يزور السعودية والأراضي الفلسطينية وإسرائيل في الفترة من 13 إلى 16 يوليو القادم.. في زيارة ذات دلالات واسعة وتأثيرات سياسية ودبلوماسية كبيرة على منطقة الشرق الأوسط وخارجها حيث تعيد احياء مشروع ما يسمى بـ"صفقة القرن" إلى الواجهة مجدداً بينما وصف البعض حرص الرئيس الأمريكي على لقاء اغلب القادة العرب في المملكة اعتراف ضمني بـ"قيادة السعودية" حيث باتت تمتلك جزيرتي "تيران وصنافير" رأس حربة "صفقة القرن" وأول بنودها لضمان حرية الملاحة في خليج العقبة.
زيارة بايدن تبدأ يوم 13 يوليو بـ"إسرائيل" ليؤكد مجدداً أن كيان الإحتلال إسرائيل "الأبنه المدللة للولايات المتحدة الأمريكية" ثم يزور الضفة الغربية وينطلق يوم 15 يوليو في رحلة طيران مباشرة من إسرائيل إلى المملكة وصفها المتابعون بالتاريخية لأنها الاولى من نوعها، وسيكون أول رئيس أميركي يصل إلى بلد عربي لا يقيم علاقات مع إسرائيل، منطلقا من أرض إسرائيلية، وكان ترامب استقل رحلة جوية انطلقت من السعودية نحو إسرائيل في العام 2017.
ومن المنتظر خلال زيارة إسرائيل أن يجدد بايدن التزام أمريكا الحازم بأمن إسرائيل، علاوة على تأكيد التزامه الدائم بحل يقوم على دولتين" إسرائيلية وفلسطينية"، من أجل إعادة الحرارة إلى العلاقات الأمريكية مع السلطة الفلسطينية التي قطعت بشكل شبه كامل خلال ولاية ترامب.
زيارة بايدن إلى السعودية تمتد ليومين .. اليوم الأول مُخصّص لإجراء محادثات ثنائية مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ابن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان وسيحضر اليوم الثاني قمة "الخليج + 3" والتي تشمل قادة دول الخليج العربي إلى جانب قادة مصر والأردن والعراق.
ويرى مراقبون أن جولة الرئيس الأميركي جون بايدن في الشرق الأوسط التي سينتقل خلالها في رحلة تاريخية مباشرة من إسرائيل الى السعودية ستكون متعددة المهام، حيث سيلتقي بايدن مع الأمير محمد بن سلمان في خطوة تثير جدلا بسبب الشكوك المحيطة بولي العهد السعودي في قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، وأن ذهاب بايدن إلى المملكة رغم تحفظاته السابقة على إدارة الحكم في المملكة يعني انتصار للأمير. الشاب الذي نجح في فرض أجندته واجندة المملكة عالمياً وإقليمياً مستفيداً من أوراق الضغط التي يمتلكها ومستثمرا الأحداث الدولية الأخيرة خاصة "الحرب الروسية الأوكرانية".
إعلان البيت الأبيض ينهي أسابيع من التكهنات حول جولة بايدن في المنطقة والدول التي سوف تشملها الزيارة حيث انتهى الأمر إلى "إسرائيل والضفة الغربية والسعودية" حيث تعد هذه زيارته الأولى للشرق الأوسط كـ"رئيس للولايات المتحدة الأمريكية"، وسيلتقي القادة الإسرائيليين والسعوديين، ويشارك في قمة لمجلس التعاون الخليجي في السعودية + 3 "قادة مصر والأردن والعراق" وفق تسريبات إعلامية".
"النفط" كان نقطة التحول الرئيسية في تحول موقف بايدن من السعودية بعد فترة من الشد والجذب، خلال عام ونصف من حكمه رفض بايدن محادثة محمد بن سلمان هاتفياً لاعتبارات عدة، جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتقلب الطاولة لصالح محمد بن سلمان والمملكة وبات بايدن من يسعى لكسب ود السعوديين وإقناعهم بزيادة إنتاجهم النفطي، من أجل وقف ارتفاع أسعار المحروقات والتضخم في بلاده التي تشهد انتخابات منتصف الولاية في نوفمبر القادم، وتعتبر هذه الانتخابات دقيقة بالنسبة للحزب الديموقراطي الذي ينتمي اليه بايدن.. فيما يمكن وصفه بـ"انتصار الأمير الشاب".
ووفقاً للتقديرات السياسية سوف يشكل لقاء بايدن مع الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية، تغييرا مثيرا للجدل في السياسة الدبلوماسية للرئيس الأمريكي بعدما اعتبر خلال الحملة الانتخابية التي قادته الى الرئاسة في 2020، أن قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي وتقطيع أطرافه في القنصلية السعودية في اسطنبول في 2018، جعل من السعودية "دولة منبوذة"، وهو ما يجعل المراقبون يتوقعون عودة شتاء المصالح الدافئ بين الرياض وواشنطن في صيف المنطقة الساخن، وهو اعتراف مجددا بأن الولايات المتحدة الأمريكية باتت تعتبر المملكة العربية السعودية إلى جانب إسرائيل قائدة المنطقة العربية في دلالة تجرى حساباتها بدقة في عواصم مختلفة داخل الشرق الأوسط.
تلك الحسابات تتماشى مع رؤية خبراء أمريكيون بأن لسياسة الأميركية مع السعودية كانت تتطلب إعادة تقييم للعلاقات بين البلدين لا قطيعة بينهما بعد جريمة قتل خاشقجي، خاصة أن السعودية شريك استراتيجي للولايات المتحدة منذ ثمانية عقود ويقطنها قرابة ثمانين ألف أميركي، علاوة على أن "امن الطاقة" سيكون محورا رئيسيا في زيارة بايدن إلى السعودية، لمواجهة الحلف الروسي ومنع ذهاب الاصدقاء شرقاً، إلا أن مسؤولين أمريكيون أشاروا الى أن للجولة أهدافا دبلوماسية أوسع.. وأن الزيارة وفقاً للمتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار تشكل "ذروة اشهر عدة من الدبلوماسية"، وقللت من تأثير الاعتبارات الداخلية في أمريكا ومنها ارتفاع أسعار النفط في دفع بايدن للزيارة في مخالفة للواقع حيث يؤكد مراقبون أن "ورقة النفط" هي من أجبرت جون بايدن على مد يده لمصافحة محمد بن سلمان بينما تأتي صفقة القرن وعدم فقد الحلفاء نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية أسباب تاليه.
ويرى متابعون أن الزيارة التي سوف تشهد لقاء الرئيس الأمريكي بقادة ومسئولين 11 دولة بالشرق الأوسط من أجل "عودة القيادة الأمريكية" للمنطقة وترتيب الأوراق من جديد على خلفية توترات يغذيها الفشل حتى الآن في إحياء الاتفاق حول الملف النووي الإيراني الذي أبرم بين طهران وست دول كبرى وانسحبت منه واشنطن خلال فترة رئاسة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
ووضع الرئيس الأميركي ضمن أولوياته العمل على تمديد الهدنة المعمول بها في اليمن بين القوات الحكومية المدعومة من تحالف بقيادة السعودية والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، ولجم الطموحات النووية لإيران، خصم السعودية والعدو اللدود لإسرائيل، وإعطاء دفع لحقوق الإنسان والعمل على تأمين الطاقة والغذاء العالميين.