كيف كان إجلال السلف للنبي ﷺ
ذَكر القاضي عياض :
عن مالك أنه سئل عن أيوب السختياني فقال:
ما حدثتكم عن أحد إلا وأيوب أفضل منه .
قال: وحج حجتين فكنت أرمقه فلا أسمع منه غير أنه كان إذا ذكر النبي ﷺ بكى حتى أرحمه!
وقال مصعب بن عبد الله :
كان مالك إذا ذكر النبي ﷺ يتغير لونه وينحني حتى يصعب ذلك على جُلسائه . فقيل له يومًا في ذلك فقال :
لو رأيتم ما رأيت لما أنكرتم عليَّ ما ترَون ، لقد كنت أرى محمد بن المنكدر - وكان سيد القرَّاء - لا نكاد نسأله عن حديثٍ أبدًا إلا يبكي حتى نرحمه .
ولقد كنت أرى جعفر بن محمد - وكان كثير الدعابة والتبسم - فإذا ذُكر عنده النبي ﷺ اصفرَّ لونه ، وما رأيته يُحدِّث عن رسول الله ﷺ إلا على طهارة ، ولقد اختلفت إليه زمانًا فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال : إما مصليًا ، وإما صامتًا ، وإما يقرأ القرآن ، ولا يتكلم فيما لا يعنيه ، وكان من العلماء والعباد الذين يخشون الله .
ولقد كان عبد الرحمن بن القاسم يذكر النبي ﷺ فيُنظر إلى لونه كأنه نزف منه الدم ، وقد جف لسانه في فمه هيبةً لرسول الله ﷺ .
ولقد كنت آتي عامر بن عبد الله بن الزبير فإذا ذكر عنده النبي ﷺ بكى حتى لا يبقى في عينيه دموع .
ولقد رأيت الزهري - وكان لَمِن أهنأ الناس وأقربهم - فإذا ذكر عنده النبي ﷺ فكأنه ما عرفك ولا عرفته .
ولقد كنت آتي صفوان بن سليم وكان من المتعبدين المجتهدين ، فإذا ذكر النبي ﷺ بكى فلا يزال يبكي حتى يقوم الناس عنه ويتركوه ".