فريد عبد الوارث يكتب: اقتصاد حرب و حرب اقتصاد
قيل قديماً أن الكلام من فضة و السكوت من ذهب، و لكن ليس دائماً فعندما يتعلق الأمر بمصير و طن و أمة يكون السكوت تواطئ و الصمت خيانة، و حينها يصبح جهاد الكلمة و التوعية و تصحيح المفاهيم فرض عين على كل مواطن.
و لعل أزمة تخفيف الأحمال الكهربائية الأخيرة كانت كاشفة لعدة أمور، أولها غياب الرؤية و ضبابية المشهد أمام المواطنين، ناهيك عن استغلال خونة الداخل لتلك الأزمة في محاولة بائسة لزعزعة الاستقرار و تفكيك الجبهة الداخلية.
و ليس خافيأ على أحد أن الدولة تمتلك كافة المقومات المطلوبة لتحقيق استقرار الطاقة من خلال المشاريع العملاقة التي تم تنفيذها في مصر خلال السنوات السابقة من محطات توليد كهرباء و تحديث خطوط نقل الطاقة بالإضافة إلى اكتشافات الغاز الطبيعي، فضلاً عن احتياطي نقدي كبير يصل إلى 46 مليار دولار و ذلك لأول مره في التاريخ.
إذن تمتلك الدولة كافة الأدوات لحل الأزمة، و هنا يطل علينا السؤال الجوهري: لماذا وصلنا لمرحلة تخفيف الأحمال الكهربائية لثلاث ساعات يومياً؟ و الإجابة تكمن في أربع كلمات.. اقتصاد الحرب.. و حرب الاقتصاد.
أولاً نحن نعيش حالة تقشف مقصودة تشبه إلى حد كبير حالة الحرب، و ذلك أمر مفروض علينا من أعدائنا الذين أشعلوا كافة الاتجاهات حول مصر و لم يتبقى سوى إعلان الحرب علينا، فلسطين مشتعله.. السودان مشتعله.. ليبيا مشتعله.. الحدود الشمالية في البحر المتوسط في طريقها للإشتعال بين إسرائيل و حزب الله في لبنان، و لعلنا لم ننسى اشتعال البحر الأحمر عند اليمن و إغلاق قناة السويس المتعمد من أمريكا و ذيولها الحوثيين و غيرهم.
و هنا نأتي لحرب الاقتصاد التي تم تنفيذها ضد مصر حتى ترضخ لمطالب الصهاينة و تتوقف عن تعمير سيناء و توافق على تهجير الفلسطينيين إليها و كل ذلك من خلال الٱتي:
•سحب الاستثمارات و خلق أزمة الدولار و توابعها الخطيرة على الاقتصاد.
• ضرب قناة السويس عبر افتعال أزمة في المدخل الجنوبي بين إسرائيل و الحوثيين.
•دخول أكثر من عشرة ملايين سوداني إلى مصر بعد اشعال الفتيل في السودان مما ترتب عليه ضغط كبير على الاقتصاد المصري و زيادة الأسعار.
و غير ذلك الكثير مما وضع البلد في حرب اقتصادية مكتملة الأركان.
و هنا يصبح أمام صانع القرار المصري خياران أحلاهما مر... فإما التضحية بالاحتياطي النقدي و حل الأزمات الطارئة و ما يتبعه من تدهور ذلك الاحتياطي و خطورة ذلك على البلد حال قيام حرب عسكرية مباشرة مع الصهاينة، أو التضحية بشعبية النظام و تحميل الشعب فاتورة الحرب الاقتصادية و الحفاظ على الاحتياطي النقدي للوقت المناسب القادم لا محالة،
و يبقى نشر الوعي و محاربة الشائعات أهم دور لكل مصري شريف و سلاحاً لمواجهة الخونة و المتأخونين و الخلايا النائمة لتجار الدين، فلا يخفى على أحد أن البعض مستعد لتدمير البلد من أجل إثبات صحة وجهة نظره !!!
شعب مصر العظيم الصابر المرابط هيا بنا نحافظ على وطننا مثل الرجال حتى لا يأتي يوم نبكيه مثل النساء.
كان الله في عون مصر و قيادتها السياسية على خونة الاوطان في الداخل، أما أعداء الوطن في الخارج فجيشنا العظيم خير الجند بهم كفيل.