صفوت عمران يكتب: مبادرة بايدن بين وقف الحرب في غزة ونهاية العالم.. الجميع خائفون من اشتعال رقع الشطرنج!!
فوجئ العالم بقيام الرئيس الأمريكي بتقديم مبادرة لوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد 8 اشهر من الإبادة الجماعية، واشتعال رقع الشطرنج العالمي، لدرجة أن تقارير إعلامية كشفت أن مكتب نتنياهو وحركةحماس لم يعلما بما أعلنه بايدن سوي قبل الخطاب بساعتين، وسط توقعات بقبول تل أبيب والحكومة الصهيونية المتطرفة بالمبادرة، وهو ما يطرح السؤال المهم: ما الذي تغيير في المعادلة جعل واشنطن تسعى لإنهاء الحرب دون أن تحقق إسرائيل أهدافها «تهجير الفلسطينيين، القضاء على حماس، البقاء عسكرياً في القطاع».
يرى مراقبون أن مبادرة بايدن ليس إلا تطوير للمبادرة المصرية، لكنها جاءت نتيجة تغيرات كبيرة في المشهد الإقليمي والدولي، خلال الأيام الماضية، أبرزه ربما الخوف من دخول روسيا والصين على خط المواجهة مع الكيان الإسرائيلي بعدما كشفت الأيام الماضية وجود وثيقة سرية بين الجيشان الروسي والصيني تشمل: «الإتفاق على إعادة العدالة للعالم، وأن تكون غزة أول خطوة على أجندة العدالة العالمية»، وهو ما أربك حسابات البيت الأبيض حيث فضل بايدن إبعاد إسرائيل عن هذا الحريق العالمي بإطلاق مبادرته لوقف الحرب على غزة، يأتي ذلك بالتزامن مع فشل الغرب في تحقيق تغير على الأرض في حرب كرواتيا فبعد إستهداف العمق الروسي وتسليح كييف بصواريخ بعيدة المدي، رد بوتين بإستخدام السلاح النووي التكتيكي وهو ما تسبب في تحولات كبرى في المشهد.
تفعيل الجيشان الروسي والصيني لمنظومة العدالة العالمية سوف ينطلق من سوريا، حيث وقع الرئيس السوري بشار الأسد مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال الأيام الماضية اتفاقاً يسمح بنقل الصورايخ الروسية النووية إلى طرطروس، وهو ما ضاعف من مخاوف واشنطن من إشعال «حرب هرمجدون» في الشام وهو ما يتوافق مع سردية الحرب العالمية الثالثة حسب التفسير الصهيو-بروستانتي لنصوص التوراه، خاصة أن واشنطن فشلت في ضرب العمق الروسي بعد نجاح تجربة الصاروخ الاعتراضي النووي التكتيكي على الغواصة النووية فرجينيا، وهو ما يفسر تلهف بايدن على وقف الحرب في غزة لينقذ إسرائيل من سيناريوهات الحرب العالمية.
وقال مراقبون أن قلق بايدن ورغبته في إبعاد البندقية الروسية عن وجه إسرائيل، يعود إلى مخاوفه من إمكانية إستخدام النووي التكتيكي من ميناء طرسوس السوري ضد إسرائيل، وهو ما يتماشى مع التفسيرات الأنجلوبروستانتية لنهاية العالم، بأن المجيء الثاني وظهور «المخلص العالمي» لن يكون سوي لحماية «دولة الرب .. إسرائيل» بعد ضربة نووية، لذا رؤية بايدن هي حماية وعزل إسرائيل عن أي سيناريو محتمل لحرب عالمية مفتوحة، وهو ما يفسر قبول نتنياهو الفوري مبادرة وتعديلات البيت الأبيض لانه يخشى المواجهة مع الروس الذين يمكنهم تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك مع سوريا في أي وقت لتجد تل أبيب نفسها تحارب موسكو.
تتزامن تلك المخاوف مع فقد أمريكا عنصري الردع والمصداقية لدى شعوب الشرق الأوسط، فقد تم تدمير الميناء العائم الذي أعلنت أمريكا عن إقامته لإيصال المساعدات إلى غزة، وما صاحبه من عُطب طال 4 سفن حربية، وقد أعلن البنتاجون أن ذلك نتيجة للأحوال الجوية، وهو أمر غير قابل للتصديق ويحمل الكثير من علامات الاستفهام، وكأننا نشاهد فيلم سينمائي مزيف من صناعة هوليود، سيناريو العاصفة الجوية غير مقنع ويجعلنا حائرين كضحايا لإحدى عمليات النصب، ثم جاء اعتداء الحوثيين على حاملة الطائرات ايزنهاور في البحر الأحمر، في سابقة لم تحدث منذ الحرب العالمية الثانية، وبعد نفي واشنطن الحادثة خرج الحوثيين بفيديو مصور للحادث، وهذه المرة تم حرمان أمريكا من تزييف الواقع ومنعها من إخفاء لأضرار التي طالت حاملة الطائرات.
الواقع أن حرب الإبادة الجماعية التي تشنها اسرئيل على قطاع غزة جعلت المنطقة مهيئة للإنفجار في أي وقت، وكان حادث الاشتباك الحدودي الأخير بين القوات المصرية وقوات الكيان معبراً على التهاب الحدود، ورد مصر على استشهاد أحد جنودها وقتل عدد من أفراد الجيش الإسرائيلي، يؤكد جدية مصر في تهديداتها بإلغاء معاهدة السلام والدخول في حالة حرب شاملة مع الكيان، ورفضت القاهرة سحب الذخيرة الحية من جنودها، وتأكيدها للوسيط الأمريكي على أن الرد العملي العسكري على استفزازات الكيان ليس مستبعداً ابداً، وقد يكون من عدة جبهات وليس من الجبهة المصرية وحدها، وهو ما يعني التنسيق الكامل بين مصر وبين باقي الأطراف المحيطة بالكيان، وهو ما أربك المشهد الأمريكي بشكل واسع.
زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للصين، في تلك الأجواء الملتهبة، يعني أن مصر ليست بعيدة عن تحالف العدالة العالمية الروسي الصيني، وما تم الإعلان عنه خلال هذه الزيارة من تنسيق للمواقف السياسية والأمنية بين البلدين، رسالة واضحة للغرب خاصة أمريكا، فقد كان أحد أهداف هذه الحرب إجبار العرب على وقف التوجه شرقاً والخروج من تحالفهم الجديد مع روسيا والصين، لكن ما حدث أن الحرب دقت مسماراً جديداً في نعش العلاقات العربية الامريكية، وقامت عدة دول عربية بسحب احتياطي الذهب من البنك الفيدرالي الأمريكي، وبدأت تتخلى عن الدولار في تجاراتها الدولية، ما يعني أن هذه الحرب لم تعزز فقط من التحالف العربي الشرقي، بل زادت من قيمته وأهميته لدى الطرفين!
وتؤكد التقارير الدولية أن المبادرة الأميركية جاءت بعد فشل جيش الإحتلال في جميع الفرص التي طلبها على مدار 8 أشهر من الحرب على غزة، وأثبتت المواجهة أن الجيش الإسرائيلي يعاني من خلل كبير، ولم يتفوق إلا في الغارات الجوية المدمرة، وتكبد خسائر هائلة في المواجهة المباشرة على الأرض في المعدات والأفراد ، والأخطر أنه يتم تصوير كل هذه المواجهات وإذاعتها على العالم، بما يُفقد جيش الكيان هو الاخر أسطورة الردع والقوة ، البطولات التي قدمتها المقاومة الفلسطينية في هذه الحرب كانت مفاجئة للعالم اجمع.. واعطت ثقة للجيوش العربية، أنها قادرة على هزيمة إسرائيل في أي حرب منفرده، وأنه بدون الحماية الأمريكية الغربية يصبح الكيان من الماضي.. فبعد 8 أشهر فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها من الحرب، بل أصبح قيادتها لأول مرة مهددين بالسجن كمجرمي حرب، ولأول مرة يتم محاكمتهم في المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، علاوة على ثورة شعبية عالمية ضد الكيان وتفنيد روايته لصالح الرواية الفلسطينية في سابقة لم تحدث من قبل، وباتت إسرائيل تعاني من عزلة دولية غير مسبوقة، مظاهرات في أغلب دول العالم، 10 دول سحبت سفرائها من الكيان، حرق ٧ سفارات لإسرائيل في مناطق مختلفة من العالم، ثورة الجامعات وثورة المفكرين والسياسيين ونشطاء حقوق الإنسان الذين اصبحوا فجأة سلاحاً في ظهر الغرب نتيجة انحيازه لإسرائيل، اعتراف 3 دول بالدولة الفلسطينية على رأسهم أسبانيا، هذا وغيره يؤكد أن أمريكا لا تختار السلام ابداً، بل يُفرض عليها وتُجبر عليه، وكما يقول الخبراء تتدخل أمريكا اليوم لوقف الحرب لان ميزان المصالح والمكاسب بدأ يختل بين يديها، ذهبت أمريكا لوقف الحرب وهي تعلم أنها خسرت الكثير وأن حكومة نتنياهو قد انتهت وأن فرص بايدن للفوز بولاية ثانية في مهب الريح، لكنها تتحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فهذه حرب عض الأصابع يخسرها من يصرخ أولاً .. ومبادرة بايدن بداية الصرخة الصهيوأمريكية.. سوف يأتي يوم لنقص وتحكي ما تم من بطولات في الكواليس والغرف المغلقة.