18:10 | 23 يوليو 2019

عبدالحى عطوان يكتب: عصام ومواجهة المجهول !

10:57pm 24/05/24
الاعلامي عبد الحي عطوان
الاعلامي عبدالحي عطوان

 

لم يكن عصام ابن الثلاثين عامًا الهادئ الملامح الممشوق القوام الذى يتمتع بعينين غائرتين تلونهما أشعة الشمس بالاخضرار وأنف مدببة ويرتسم فوق شفتيه شارب خفيف، يدرك أنه يشبه أبيه في كل شيء لهذه الدرجة؛ في نمطيته وطريقة خطواته حتى في ملامحه ولون الاسمرار الذي ضرب بشرته، فقد لازمه في كل شيء منذ أن كان طفلًا صغيرًا، لدرجة تشعر معها عند رؤيته أنه النسخة المكررة من أبيه، فقد كان عاشقًا له، حتى في طريقة كلامه ونطقه للحروف، فقد أحبه حبًا جمًا وربطتهما علاقة من نوع نادر، يستيقظ معه في الصباح مع إطلالات الشروق للذهاب معه إلى الأرض، فهو لم يحالفه الحظ في إكمال تعليمه بعد المرحلة الإعدادية حتى لُقّب بظل والده، بل كان هناك من يصفه بالدُمية التي يحركها صاحبها بخيوط تكبلها.

مضت سنوات وعصام مقيد في جلباب والده، فلا يستطيع أن يحلم حلمًا ويطلق له العنان في سماء مستقبله، أو يرسم خيوطًا بيده المرتجفة والمقيدة بعيدًا عن الخيوط التي نسجها له والده من قبل، فرغم كل العشق الذي عشقه له، وإدمانه لجميع تفاصيل خطواته، إلا أنه كان أحيانًا يشعر بأنه حبيس تلك الشخصية التي سيطرت عليه حتى باتت تضعه في بوتقة الخوف الدائم من اتخاذ أي قرار دون الرجوع إليه، حتى لو كان خاصًا بمستقبله مع صابرين، تلك البنت التي وصفت بأنها تشبه أشعة الشمس المتوهجة، فقد ظل زمنًا يخشى الاقتراب منها والبوح لها بمشاعره، يصارع أيامه بين جلباب والده والاحسايس المتضاربة التي تكبر وتتشابك داخله، حتى كان يشعر مع كل ضربة فأس أنه يدفن ما يخالجه من وهن وغضب وخوف وحنين وعشق بين ثنيات الطين، فقد بات يشعر بالوجع من حب ينمو داخله، يزلزل كيانه دون الحديث عنه.

ظل هكذا طوال عامين، يجلس وحيدًا شاردًا مشتتًا يرتجف قلبه الضعيف، يرتعد تتخبط أوصاله، يبحث عن مواجهة المجهول وكيفية إقناع والده بها، فقد بات يتملكه خوف كبير جعله يقضي يومه بين أفكاره الخائفة ونظراته المبعثرة بين حشائش الأرض، تلملم شتات الكلمات التي تطل برأسه، يحاول جاهدًا أن يبحث عن مخرجًا لقضيته أو ينزع فتيل الخوف لمواجهة والده الذي خطط لجميع خطوات مستقبله بأن يزوجه فاطمة بنت شقيقه عبد الواحد، التي لم تتم عامها العشرين، والتى لم ترتاد المدارس بحكم التقاليد القبلية السائدة، فقد كان يرى أنها الأصلح له ولوالدته، فقد ردد أمامه دائما كثيرًا من الحكايات عن طفولتهما وارتباطهما وقراءة الفاتحة مع أخيه عبد الواحد قبل وفاته ووعده له بإتمام تلك الزيجة مهما كانت الفوارق والظروف، حتى كانت المفاجأة حينما رأى والده خطوط الزمن والحزن بدأت ترتسم على ملامحه فنادى عليه، فأدرك عصام أنها أول مواجهة حقيقية بينهما، ورغم الخوف الذي يداهمه قرر أن يخرج من عباءة جسده الهزيل ويبوح له بكل شيء.

قال له بصوت خافت وعينيه تنظران للأرض فلا تقوى على المواجهة، لقد عشقتها فقد رأيت فيها شريان الحياة؛ براءتها الطفولية النادرة، عينيها اللتين تشبهان وهج الشمس، بشرتها الخمرية التى تنطق بالتفرد، شعرها المسترسل والمتمايل على كتفيها، قوامها الذى يفجر غريزتها الفطرية الأنثوية، فهي تختلس من العمر رونقه، فلم تخض الحروب التى خاضتها نساء قريتها، أراها روح داخل عباءتها السوداء المزينة حوافها بنقوش مطرزة، إذا تمايلت مال معها الكون، نظر إليه والده ليتوقف عن سرد مفاتنها، فقد أحس بأن ابنه قد نادته النداهة، تاه ببصره بعيدًا في الاتجاه الآخر حتى لا يرى ابنه حيرته، فقد سرح بأفكاره وتذكر وعده لأخيه، لكن كان صوته الداخلى ينحاز للعشق المفتون بينهما، فتنهد تنهيدة عميقة ونطق بكلمات غير مفهومة، تسارعت وتعالت حتى اختتمت بجملة طار معها الابن فرحًا، فقد خرج من عباءة والده منتصرا، لتكن سعادتك كل الاعتبارات، وليسامحني أخي فهي إرادة الله، حدد متى نذهب لأهلها...

تابعنا على فيسبوك

. .
izmit escort batum escort
bodrum escort
paykasa bozum
gazianteplie.com izmir escort
18 film izle erotik film izle
deutsch porn