عبدالحى عطوان يكتب : طالب الفنون ونهاية غير متوقعة !!
لم تكن تلك هى النهاية التى ارادها وعاش من اجلها سنوات عمره فقد لازمه خلال الايام الاخيرة شعور دفين تملكه بدنو اجله بعد رحلة طويلة مع المرض اغلق عيناه وتمدد فوق الاريكة الموضوعة فى احد اركان الصالة المواجهة للباب ثم اخذ نفسا عميقا فى محاولة لتصفية ذهنة من كل شئ وبعد تفكير ممتد ايقن انه لا يملك القوة للمضى قدما نحو المصير المحتوم واصل التقاط انفاسة فى محاولة لتهدئة دقات قلبة ثم شرد قليلا تجاه الجانب الاخر من الصالة بينما جفناه يرتعشان وبشرته تحولت الى اللون الازرق الداكن حاول ان يحرك جسده المتيبس حتى يستعيد جزء من حيويته او ينام قليلا لكن ذلك كان مستحيلا فقد لصقت قدماه بقفصة الصدرى سرت قشعريرة باطرافه حتى بدا كل من حوله سماع طقطقة اسنانه كان يردد بينه وبين نفسه انها النهاية
تذكر حينما انتقل من الصعيد الى القاهرة مع والده المهندس جلال الدين الذى كان يعمل باحدى شركات المقاولات المتخصصة فى الانشاءات والكبارى وقد وصف بالقوة والكرم والذكاء وبرغم اقامته فى احد الاحياء الراقية بالقاهرة كان يميل دائما الى ارتداء الجلباب الصعيدي بل كثيرا ما كانت تكشفة لكنته بمجرد حديثه مهما حاول ان يخفيها او يعدل من نطقه للكلمات حتى تبدو افرنجية كان وقتها جمال طفلا صغيرا لا يجيد سوى كتابة بعض الكلمات حيث الحق باحد المدارس الحكومية القريبة من اقامتهم كانت والدته تخاف عليه بشدة بل كانت تقف على قدميها تنتظره منذ مغادرتة فى الصباح حتى عودته وكلما ذاد نموه واشتد عوده شددت من مراقبته بل اعتادت ان تلقى بمسامعها المرهفة الى حكاوية مع اصدقائه بل احيانا كانت تدنو باذنيها الى باب غرفته لتطمئن انه يستذكر دروسه بل كانت تثير المشادات معه وتنهره عن فكرة اهتمامه برسم الصور واللوحات التى تستهويه فهى تقاوم بشدة دراسته للمواد التى تبعده عن مسار ان يكون طبيبا ومع السنين التحق جمال بعد معاناة مع الام بكلية الفنون التطبيقية التى يهواها على امل ان يصير فنانا مثل الذى اعتاد القراءة عنهم لدرجة كل تفاصيلهم كنت داخل مخيلته ولا تفارقه فحلمة ان يكون له معرضا تتحدث عنه الصحف أو يتناوله الإعلام ولكن قبل تخرجه بأيام مات والده وفقد معه الحلم والامل و كل الاشياء الجميلة
منذ رحيل والده اعتاد الذهاب يوميا الى احد الكافيهات بوسط البلد ليقابل الاصدقاء بعضهم من شباب كليته وبعضهم تعرف عليه بطبيعة الحياة كان يجلس مستمعا لكل شخص منهم باهتمام ويتابع بعضهم بشغف خاصة صديقه عبد المجيد الذى يعمل والده وكيلا لوزارة الكهرباء ليحاول ان يفهم الكثير منه فقد كان يجد فيه المثل الاعلى فقد كانت حكاويهم تنصب على كيف يتدبرامره وامر والدته واخته نجلاء الطالبة بالثانوية العامة بعد وفاة والده خاصة انه لم يترك لهم رصيدا ماليا او مشروعا قائما يتقوت منه فقد وضع كل طموحه على ان يعيين بوظيفة حكومية بجانب اى عمل اخرلسداد الالتزامات المطلوبة يوميا وبينما كان جادا فى البحث عن وظيفة اقنعه صديقة حمزة بفكرة تجارة الأجهزة الكهربائية واما عن مبلغ البداية فسيقرضه آياه وافق ولكن رحلة الحياة لم تأتى كما بالحسبان فبعد أن صارا صاحب مكتب لبيع الأجهزة ثم أمتلك محلاً كبيراً ثم شريك بأحد مصانع لإنتاج اللمبات الكهربائية بأسهم إلا أن الكارثة التى لم يدركها جاءت من أحد اصدقائة فهو لم يجد الاعيب أبناء الشر فقد حلت عليه وصارا مهدداً بالسجن وبالإفلاس وبالمرض تفاصيل كثيرة جاءت بالمرحلة الأخطر فى حياته والتى انتهت نهاية غير متوقعة .................
تابعونا فى الجزء الثانى