حمادة الأمير يكتب: الإسراف في الأفراح.. ظاهرة تهدد الزواج والمجتمع
في زمن تتزايد فيه معدلات الطلاق والخلافات الزوجية، وتتراجع فيه قيمة المال والمعيشة، لا يزال البعض يتبع عادة الإسراف والتبذير في حفلات الزواج، متجاهلين تعاليم الدين والعقل، ومتجاوزين حدود القدرة المالية، فما أسباب هذه الظاهرة؟ وما آثارها على الزواج والمجتمع؟ وكيف يمكن مواجهتها والتغلب عليها؟
يعد الإسراف في الزواج أحد ضروب المباهاة، ويبلغ الأمر حدود التبذير في كثير من الأحيان، ما جعلها تتحول من فرح، إلى مباهاة وتفاخر وغيرة وضغط على غير القادر، وإجباره على الاستدانة واللجوء إلى القروض للوفاء بمتطلباتها.
وعلى الرغم من تركيز الكثير على جانب القدرة المالية عند الحديث عن تلك الحفلات، وأنه لا مانع من الإسراف فيها مع القدرة، إلا أن علم الاجتماع يرى أن «توفر القدرة المالية ليس مبرراً على الإطلاق للإسراف، لأن هذا يتحول إلى ظاهرة يقلدها القادر وغير القادر، مع ما تسببه من خلافات وإحداث شروخ في الحياة الأسرية قبل الزواج وبعده».
ويكون التقليد هو المحرض والدافع للمبالغة في تكاليف الحفلات، والتركيز على المظاهر والماديات غالبا يكون سلوكاً ينتهجه العريس أمام عائلة العروسة، أو العروسة أمام أهل العريس، أو يحرص عليه كلاهما إرضاء للمجتمع، حيث يتم تحديد مستوى الوضع الاقتصادي للعائلة من مستوى الزواج، وذلك يدخل ضمن التباهي والتفاخر.
وبات الناس يتفاخرون في المناسبات المختلفة، بأشياء ليست مدعاة للفخر، فاليوم بتنا نرى تجهيزات (عزاء) باهظة الثمن، من فراشة ومشايخ وقهاوي وكأنها احتفال، لكن دون غناء ورقص.
وينتج عن هذه الظاهرة آثار سلبية عديدة على الزواج والمجتمع، فمنها ما يتعلق بالجانب النفسي والاجتماعي، كالشعور بالنقص والحسد والغيرة، والتنافس والتفاخر والتباهي، والخوف من الانتقاد والسخرية، والتقليل من قيمة الآخرين، والتعالي عليهم، والتفرقة والتمييز بين الناس.
ومنها ما يتعلق بالجانب الاقتصادي والمادي، كالإسراف والتبذير والهدر في المال والموارد، والاستدانة والتورط في القروض والديون، والتخلف في الزواج والتأخير فيه، ومنها ما يتعلق بالجانب الديني والأخلاقي، كالمخالفة لتعاليم الإسلام والشريعة، والانحراف عن القيم والمبادئ، والتشويه للعادات والتقاليد، والتقليد الأعمى.
وأمام هذه الآثار الخطيرة، يتطلب مواجهة هذه الظاهرة جهودا مشتركة من كل فئات المجتمع، وتبني استراتيجيات وسياسات وبرامج ومبادرات تهدف إلى التوعية والتثقيف والتربية والإصلاح، وتعزيز القيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية، وتنمية الوعي الاقتصادي والمالي والمادي، وتشجيع البساطة والاقتصاد، لتحقيق السعادة والراحة والاستقرار، وتحويل الزواج من مصدر بات بابًا للهم والغم إلى مصدر للفرح والسرور.
