فريد عبد الوارث يكتب : " السعودية " و أحلامنا المسروقة
تابع عشرات الملايين البسطاء من الشعب المصري مبارة كرة القدم الأخيرة للمنتخب الوطني في بطولة كأس الأمم الإفريقية مع منتخب " الرأس الأخضر " و التي انتهت بالتعادل بهدفين لكل فريق ، احترقت الأعصاب و تعالت الصيحات مصحوبة بالدعوات طوال المباراة ، لعل الله يوفق تلك المجموعة التي تمثل مصر منذ سنوات دون تغيير يذكر و كأن الكنانة قد عقرت أن تنجب غيرهم من اللاعبين الشباب الذين تملؤهم الحيوية و يحدوهم الأمل في نيل شرف تمثيل مصر !
منتخب يعاني الشيخوخة و لا يستطيع مجاراة المنتخبات الإفريقية التي تطور مستواها بشكل كبير ، و كأنه كتب علينا المعاناة مع اللاعبين العواجيز مثلما نعاني مع بعض المسؤولين الذين عفا عليهم الزمن ، فما عاد ثمة مكان للأفكار التقليدية ، و لا للخطط المكررة .
و بالعودة للمباراة ، نجد أن الأهداف التي سجلها المنتخبان تعتبر اهداف مسروقة بمعنى أنها لم تأتي نتيجة خطة تنفذ بإحكام و تم التدريب عليها أكثر من مرة ، بل هي أخطاء فردية للمدافعين جاءت منها أهداف المباراة، بمعنى أنها أهداف مسروقة.
و ما بين الأهداف و الأحلام المسروقة تدور مباراة من نوع ٱخر بين حضارة ال 7 آلاف عام و بين ظاهرة البترودولار التي طفت على السطح نتيجة اكتشافات لثروة قابعة في أعماق الأرضِ و ليس نتيحة عبقرية أو مجهود من أصحابها!
و لمن يتسائل، ماذا تريد السعودية من مصر؟ فالإجابة بسيطة و واضحة.. يحلم " طال عمره " بالقيادة، نعم تراود السعودية أحلام سرقة الدور التاريخي المصري لقيادة المنطقة، إعلامياً و فكرياً و اقتصادياً بل و ثقافياً أيضاً و يظن محدثي النعمة _ و بعض الظن إثم _ أن الأموال يمكن أن تشتري التاريخ و أن تستبدل الأدوار!
و من البديهي أن يحاول القائد الجديد إزاحة القديم عن الصدارة بأي ثمن، و هو ما يجري حالياً، حتى وصل للفن و الثقافة و استقطاب و إغراء رموز الفن و الأدب بالأموال و منح الجنسية أو الإقامة الذهبية و هو ما نراه في المهرجانات السعودية برعاية " آل الشيخ " العراب الجديد.
سلب مصر من قوتها الناعمة هدف " خليجي " عام و سعودي بشكل خاص حيث يتم شراء أي شيئ و كل شيئ بالأموال! يريدون الاستيلاء على العقول و سرقة التاريخ! نحن في آتون حرب لا ترحم تأتي من الاصدقاء قبل الاعداء.
لكنها أضغاث أحلام، فالشعب المصري يستند لدعم إلهي و لدور لا يصلح أحد غير مصر ان يلعبه، والتاريخ يقول بوضوح أنها طالما مرضت حتى ظنها المتعجلون و المغرضون لاقدر الله تحتضر ثم نفضت عن نفسها الوهن و الخذلان و الضعف و قامت تستعيد ما فاتها و تزيد عليه، بل تفوقه كثيراً في سنوات معدودات.
إياكم و اليأس أو الإستسلام، الأمل في الله كبير، و في سواعد أبناء مصر، فلن يبني مصر إلا أبناء مصر المخلصين الذين تظهر معادنهم في الشدائد و تخطي الصعاب.
و ليعلم محدثي النعمة أن التاريخ لا يباع و لا يشترى و أن مصر باقية و هم إلى زوال.