18:10 | 23 يوليو 2019

عبدالحى عطوان يكتب: مات وحيدها فتحولت إلى امرأة هائمة

11:50am 12/01/24
عبدالحى عطوان
عبدالحى عطوان

استيقظ بعد سنوات طويلة من سباته وحياته الروتينية، التي تشابهت فيها الأيام مع بعضها، وكأنها نسخًا مكررة، لا يعرف كيف مضت! ولحكاويها كيف مرت! وقف مندهشًا ولأول مرة ينتبه إليها يتفحصها، فقد تغيرت صورتها كثيرًا فلم تعد الشابة التى فُتن بها، وهزت قلبه حينما رآها تجرى وتلهو فى أحد شوارع المدينة ولم تصير الأنثى الفاتنة، أو المرأةالناضجة التي كان يحلم بها طيلة مراهقته وشبابه، فقد جفت الدماء في عروقها وتساقطت أوراق الربيع من على ملامحها؛ فبدت عليها التجاعيد كأنها تخطت السبعين من عمرها، 

 

لم ينتبه خلال السنوات الأخيرة لتحولها، فقد كانت مفرمة الحياة أكبر من رصد خطواتها أو طريقة ردودها أو منحنى كآبتها، فقد ضاعت أشياء كثيرة وسط العمر واختفت كل الكلمات الرقيقة من قاموسها، لم يعهدها زاهدة تائهة نافرة من كل شيء، همس إلى نفسه كيف تغيرت هكذا وتحولت إلى لغم قابل للانفجار، جاءت الإجابة جملًا داخل مخيلته؛ ربما يكون ما مرت به وما قاسته حولها إلى تلك الكآبة التى صارت عليها، والتى أصبحت تنثرها كلما وطأت قدماها أين ذهبت تلك البدايات الرائعة؟!

 

عاد للوراء وتذكر حينما وقعت عيناه عليها لأول مرة، كانت تسير وكأنها لا تحمل جسدا، فقدماها لا تلامس الأرض، تخطو وكأنها الفراشة أحس بأنوثتها بنبضها برائحتها بهفيف خصلات شعرها الذى يتطاير فوق كتفيها، لمح فى عينيها بريقًا ولمعانًا كأنه ضوء القمر، تذكرحينما قبض على يديها وراقصها، كانت تفوح منها رائحة العطر كانت عينيها تفيق بنظرات العشق، كان كلما اقتربت خطواته منها يحس بلهيب حرارة الصحراء تحرق أشواك الصبار التى تنبت على مفارق الطرق، ومنذ ذلك اليوم المشئوم لم ير زوجته التي اختارها، بل شبحا يتحرك على قدمين حزنًا وصمتًا مميتًا فقد تناست كل شيء حتى الابتسامة، 

 

لكن الحقيقة هو لم يقدر حجم معاناتها وما أصابها فقد انقلبت حياتها رأسًا على عقب منذ أكثر من عشرة أعوام، حينما حملوا ابنها الوحيد الذى تجاوز العشرين عامًا ملفوفًا في أحد الأكفان ليصلوا عليه في المسجد، لحظتها سار المشيعون نحو المدفن، يحملاه أبوها وخالها إلى مثواه الأخير، حاولت أن تذهب معهما لكنهما منعاها من رؤية جثمانه والحديث إليه، انزلاه القبر باعتناء بعدما قرأ عليه الشيخ عددًا من الآيات وصلاة الجنازة وواجب الدفن، لكنها قبل غروب الشمس تركت أمها تنوح، وطارت إلى قبره تنبشه لتملأ عينيها منه، ومنذ تلك اللحظة لا يطفئ الدمع لوعتها، سنوات لم تعرف عددها لم ترفع وجهها من صورته المعلقة بأحد الجدران، لم ترتدي الملابس الملونة، فقد تحولت بموته من أنثى ينجذب إليها كل من تقع عيناه عليها إلى شبه امرأة هائمة على وجهها تنتظر الموت لتفارق كل شيء...

تابعنا على فيسبوك

. .
izmit escort batum escort
bodrum escort
paykasa bozum
gazianteplie.com izmir escort
18 film izle erotik film izle
deutsch porn