فريد عبد الوارث يكتب : " جيم شطرنج " مصري إثيوبي على أرض الصومال
يعرف الجميع أن إثيوبيا دولة حبيسة لا تملك أي منفذ أو ميناء علي البحر ، و مجرد تحول إثيوبيا من دولة حبيسة لدولة من دول حوض البحر الأحمر ستكون له تبعات علي توازن القوي في المنطقة و مستقبل النفاذ للبحر الأحمر ، و من المعروف أيضاً أن " الصومال " تعاني من الحروب الأهلية التي مزقتها و أدت إلى انفصال إقليم عنها تحت إسم " صومالي لاند " لا يخضع للدولة و لا يعترف به أحد في العالم .
و مؤخراً وقعت إثيوبيا مذكرة تفاهم مع الصومال لاند (المنطقة الإنفصالية عن الصومال) للوصول إلى البحر الأحمر مقابل حصة في شركة الخطوط الجوية الإثيوبية و ذلك عبر إستئجار مساحة 20 كم من البحر من أجل إقامة قاعدة عسكرية إثيوبية بحرية ! و للعلم فإن صومالي لاند تحوي قاعدة جوية إنطلقت منها طائرات سلاح الجو السعودي و الإماراتي و الإسرائيلي للإغارة علي اليمن .
و كافة المقدمات توضح أن الأمور مرشحة لقيام حرب خلال وقت قصير لكن هذا لايمنع الإقرار بأن ماحدث يعد أهم إنتصار إستراتيجي لحاكم الحبشة بعد إنهائه ملف الحرب الأهلية في إقليم التيجراي و لا ينبغي أن نغفل رفض جيبوتي و إريتريا و الصومال طلب إثيوبيا بالحصول على منفذ علي البحر الأحمر لأنهم يدركون خطورة ذلك ولن نذيع سرا إن قلنا : فتش عن شيطان العرب القابع في أبو ظبي و لص الإبل حميدتي حلفاء وغد الحبش و شركاؤه في تنفيذ الأجندة الصهيونية .
و جاءت ردود الأفعال عبر ضربة كبيرة تقف ورائها " مصر " بعد ما أصدرت جبهة تحرير أورومو اللي بينتمي لها أغلب قبيلة أبي أحمد بياناً رفضت فيه الاتفاقية و وصفت الاتفاق بأنه غير قانوني و انتهاك لسيادة الصومال و استقلاله و سلامة أراضيه و أن هدف الاتفاقية تضليل الرأي العام الإثيوبي و تحويل الاهتمام العالمي و الإقليمي بعيد عن الصراعات و الاضطرابات الداخلية الكبيرة اللي تعاني منها إثيوبيا ، ليس ذلك فحسب فبعد إعلان أمريكا و الإتحادالأوروبي عدم إعترافهم بالاتفاقية قررت الحكومة الصومالية إلغاء الاتفاق بإعتبار ان لها السيادة على أرض الصومال .
و للحقيقة ، فقد كان التحرك المصري سريعاً و بعثت وفداً للصومال ، كما كان أول إتصال للرئيس الصومالي بعد إعلان الاتفاقية مع الرئيس المصري ، كما تم الترتيب لزيارة محتملة خلال أيام للرئيس الصومالي لمصر ، و من الجدير بالذكر أن وزير دفاع إقليم أرض الصومال الإنفصالي قدم استقالته احتجاجا على توقيع الاتفاق و قال "إن إثيوبيا ستظل عدونا الأول" !
و في نفس التوقيت كان هناك فد عسكري من إقليم أرض الصومال الإنفصالي في زيارة لأثيوبيا قابل خلالها كبار العسكريين الإثيوبيين علي رأسهم رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإثيوبي .
و الخلاصة ، نحن أمام مشهد خطير في صراع تكسير عظام بين مصر و إثيوبيا و " جيم شطرنج جديد " يجري لعبه على أرض الصومال و ما يشبه صراع عسكري غير مباشر تدعم مصر خلاله دولة الصومال و تدعم إثيوبيا الإقليم المنفصل " صومالي لاند " ، و من خلال نتائجه سيتحدد مستقبل البحر الأحمر لأجيال قادمة .