صفوت عمران يكتب: طرق كشف العملاء.. وما هو الصيد الثمين الذي حصل عليه مقاتلو حماس من إسرائيل وتسبب في جنون الغرب؟!
بداية لم يكن ما قامت به حركة المقاومة الفلسطينية «حماس» في 7 أكتوبر 2023 فقط داخل الكيان الإسرائيلي في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة مجرد إسقاط جديد للعبارة الشهيرة: «الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر»، والذي اعتبره البعض تكرار لما فعله المصريون في حرب أكتوبر 1973، ولم يكن الاختراق الأمني الذي قام به مقاتلو حركة المقاومة الفلسطينية حماس وما فعلوه من قتل نحو 1500 إسرائيلي وأسر ما يقترب من 300 آخرين هو سبب جنون قادة الكيان الصهيوني وامريكا وبريطانيا وفرنسا وكندا وغيرها من دول الغرب، فالأمر أبعد من هذا المشهد الخطير ، بل أربك حسابات المنطقة بالكامل، وتجاوز تنفيذ خطة التهجير الإسرائيلية لسكان قطاع غزة، فخطة التهجير كان اول محاولة لتنفيذها في عام 1970..
صحيح أن المنطقة قبل 7 أكتوبر ستكون مختلفة تماماً عنها بعد هذا التاريخ، فقد تغيرت معادلات القوة، واختفت الأكاذيب الصهيونية التي كان يروجها العملاء لنشر الخوف في قلوب العرب، كما تيقن الجميع أن إسرائيل «كيان هش»، وما يحدث خلال الأسابيع الأخيرة داخل الكيان الصهيوني يؤكد أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو انتهى سياسياً مهما فعل وقد يخضع للمحاكمة بعد إنتهاء العدوان على غزة، وفي ذات الوقت كشفت الأنظمة العميلة للصهيونية عن وجهها القبيح دون مواربه، ولم يعد هناك شك في ولاء تلك الأنظمة لإسرائيل وبات اللعب على المكشوف، في المقابل شعبياً داخل المنطقة العربية انقلب قطار التطبيع على رأس راكبيه وبات الجميع يعرفهم ويلعنهم، كما لم يعد هناك فرص للخداع، وأصبح على الجميع سواء أفراد أو حكومات وحكام أن يحدد دون مواربه، ودون تضليل، أين يقف؟! ومع من يقف؟!، فالعالم بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 باتت تحكمه المقولة الشهيرة لـ«جروج بوش الابن»: «من ليس معنا فهو ضدنا» .. وخلال السنوات الأخيرة أدركت الشعوب العربية حقيقة أغلب اللاعبين في المشهد السياسي على المستوى الإقليمي والعالمي، وأصبحت جميع الكروت مكشوفه، ومساحات المناورة ضيقة، وصوت البارود أصدق وأفصح، والمواقف تُسجل على الهواء بعدما اختفت الغرف المغلقة.
الواقع عزيزي القارئ، أن التقارير تشير إلى صيد ثمين حصلت عليه حماس من داخل إسرائيل .. صيد يتجاوز اقتحام الجدار العازل، والقتلى والأسرى وخطة التهجير - رغم أهميتهم - .. صيد جعل إسرائيل وحلفاؤها في الغرب والشرق الأوسط يشعرون بالجنون ويتصرفون تصرفات كشفت وجههم القبيح أمام الجميع .. حتى أمام شعوبهم، صيد لم يتوقف عند الضربة الاستباقية لإفساد صفقة القرن ومنع خطة تهجير الفلسطينين، وانهاء القضية الفلسطينية على حساب العرب، الذي وصفته مصر بـ«خطة إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية»، وهنا يبقى السؤال: لماذا يراهن كل هؤلاء بسمعتهم وتاريخهم السياسي وربما مستقبلهم، ويساندون المذابح والإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة على مدار شهرين؟! لماذا دعموا سياسة الأرض المحروقة الإسرائيلية واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً ضد الأبرياء والعزل داخل قطاع غزة؟! لماذا وافقوا على كل الجرائم التي تخالف ما يدعونه من قيم ديمقراطية وحقوق إنسان؟ لماذا وافقوا ودعموا وساندوا ما تقوم به إسرائيل ولم يتراجعوا إلا بعدما انقلبت عليهم شعوبهم وفضحت وجوههم القبيحة، وهددت عروشهم، وتشير التقارير إلى تراجع شعبية القادة الغربيون في استطلاعات الرأي مما يهدد فرص فوزهم في اقرب استحقاقات انتخابية.
الإجابة ببساطة وفقاً لتقارير عبرية وغربية لم يتم تداولها على نطاق واسع: «أن مقاتلو حماس اجهضوا خطة التهجير بضربة استباقية غيرت كل المعطيات، وعادوا بمئات من الأسرى، كما سيطروا على واحد من أهم مراكز المعلومات والوثائق السرية في اسرائيل»، وهناك من ذهب إلى إن هذا المركز المعلوماتي كان يدار بمعرفة كل من: «إسرائيل وامريكا وبريطانيا وكندا» ضمن اتفاق وتنسيق أمني بين الدول الأربعة، وأن من ضمن أعماله التجسس على كامل منطقة الشرق الأوسط، وذهب مراقبون إلى أن حركة حماس حصلت منه على:
1- خرائط بكافة المواقع العسكرية الإسرائيلية.
2- خرائط بكافة المعلومات عن مواقع عسكرية لدول الشرق الأوسط.
3- اسماء وعناوين إقامة كافة القادة العسكريين الإسرائيليين.
4- قوائم بأسماء العملاء والخونة في قطاع غزة وفي العديد من دول الشرق الأوسط سواء كانوا عملاء لصالح إسرائيل أو الغرب مع وثائق تكشف ما قدموه من أعمال لصالح الكيان الصهيوني.
5- وثائق وتسجيلات قام بها الكيان الصهيوني لشخصيات عامة في الشرق الأوسط تكشف عدد كبير من العملاء في المنطقة، وتكشف كم هائل من الأهداف الصهيونية داخل الشرق الأوسط والتحركات الإسرائيلية بشأنها خلال السنوات الأخيرة.
هذا هو الصيد الثمين الذي تكشف «تقارير غربية وعبرية» أنه وراء جنون الغرب وتحريك أساطيله، ودعمه للإبادة الجماعية التي يقوم بها «الكيان الصهيوني» ضد «الفلسطينيين في قطاع غزة»، وما يفسر الدعم الغربي الواسع الذي حصلت عليه إسرائيل بعد 7 أكتوبر بشكل يتجاوز ما نعرفه من حسابات تقليدية للدعم على مدار العقود الثمانية الماضية، ورغم كل ذلك لم يصدر أي تأكيد أو نفي من جانب حماس أو إسرائيل لهذه التقارير ومدى صحتها من عدمه، بينما يذهب البعض أن هذه الوثائق جعلت موقف حماس الأقوى في المفاوضات الخاصة بالتهدئة وتبادل الأسرى.. فيما يحرص آخرون على نفي هذا السيناريو .. ويقللون من فرص حدوثه.. وأن الحكومة الإسرائيلية تبحث فقط عن أي انتصار مزيف للتغطية على ما حدث، بل ذهبوا إلى أن إسرائيل فشلت في فرض التهجير بعد الموقف التاريخي للفلسطينيين الذين رفضوا ترك أرضهم، كما رفضت مصر والأردن حل القضية الفلسطينية على حساب جزء من أراضيهم، كما خسرت إسرائيل الاقتحام البري مهما روجت خلاف ذلك .. بل إن فصائل المقاومة الفلسطينية مازالت تحتفظ بقدراتها العسكرية رغم مرور نحو شهرين، ليس فقط بسبب امتلاكها شبكة انفاق ومدينة كاملة تحت الأرض لكن أيضا لأنها استعدت بكل الوسائل لمواجهة طويلة مع الكيان الإسرائيلي.. الأيام القادمة كاشفة.
في سياق متصل عزيزي القارئ.. كشفت الأحداث الأخيرة والإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل داخل قطاع غزة وجود طرق عديدة يعمل بها العملاء داخل المجتمعات العربية في إطار حرصهم لأقصى درجة على عدم كشفهم أمام الرأي العام:
1- يتحدث باسم الوطنية ويردد ما يقوله الوطنيون، ويتم تسويقه بشكل منظم وقوي لدرجة أنهم يجعلون منه نجم مجتمع وشخصية عامة، بدعم واسع من الكتائب الالكترونية وشهادة إيجابية بحقه من أقرانه العملاء الأخرين داخل المنطقة، فتنخدع فيه الجماهير، ثم تكتشف مع الوقت أنه يخدم نفس المخططات وفي لحظة فارقة يردد كلام أعداء الوطن وينفذ أجندتهم.. وهنا ينقسم المجتمع حول هذا العميل بين مصدوم ورافض لأفعاله، وبين مفند لأي اتهامات ضده، ويبدأ مؤيديه وأنصاره سواء مأجورين أو مخدوعين في الإشادة به وبمواقفه والتقليل من تأثير أية اتهامات توجه ضده.
2- شخصية تخدم الماسونية والصهيونية على مدار سنوات وباتت مكشوفة للجميع وبدأ الرأي العام يعرف توجهاتها ويكون موقف واضح منها، فجأة تجده يؤيد قضية وطنية أو قومية بقوة ويقف بجوار أصحاب الحق، هنا يرتبك الرأي العام ويبدأ يشك في أحكامه على هذه الشخصية، بل إن الكتائب الالكترونية تبدأ في تسويقه على نطاق واسع بأنه وطني وقومي، ويسير خلف ذلك عدد كبير من البسطاء.. وهنا يتم تدوير العميل مجدداً بشكل جديد، بل يعملون على «تبييض ملفه» وتقديمه للرأي العام بصورة جديدة: مثلاً ما حدث مؤخراً من ارتداء بعضهم الكوفية الفلسطينية وإجراء لقاء إعلامي أو بث فيديو يُناصر الشعب الفلسطيني أو أي قضية وطنية ثم تفاجئ بعد سنوات أنه عميل وضد القضية وما قام به ليس إلا محاولة إخفاء مؤقت.
3- شخصية غير أخلاقية وتعمل بمهنة غير أخلاقية ضد ثوابت الدين والأخلاق، وفجأة تجدها تتخذ موقف أخلاقي لدعم قضية وطنية أو قومية، هنا أيضا يتحدث الارتباك ويبدأ الناس في الإنقسام بين سعيد لموقفها الداعم للقضية وينسي تصرفاتها غير الأخلاقية، وبين رافض أن تكون شخصية بهذه الاخلاق في صف قضية وطنية ويشكك في نواياها، وهنا يحدث الارتباك بعدما كان موقف المجتمع واضح من هذه الشخصية.. والكارثة عندما تكتشف أن هذا التحول مؤقت وفي أول مفترق طرق تعود لسيرتها الاولى.
#هناك طرق عديدة لتسويق العملاء والنماذج السيئة داخل المجتمعات العربية، ويتم الترويج لشخصيات معينة وزرعها في أعلى المواقع لخدمة أجندة خارجية سواء بالتغطية الكاملة لدرجة عدم الإكتشاف، أو بصناعة الارتباك حول تلك الشخصية ومنع المجتمع من كشفها بشكل كامل عبر دفعها لإتخاذ مواقف وطنية أو قومية أو دينية...
#العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة كشف شخصيات عديدة منها داليا زيادة، وائل غنيم، كما كشف أنظمة عربية وأظهر بوضوح أنهم يخدمون الأجندة الصهيونية رغم محاولات التخفي طول الفترة الماضية.. أيضا هناك شخصيات معروف خدمتها للصهيونية والماسونية والأفكار الشاذة والمنحرفة اتخذت مواقف مساندة للقضية الفلسطينية للتغطية على تاريخهم، وارباك الناس حولهم، فلا تستغرب عندما تجد «المطرب و.» الداعم في كل حفلاته للماسونية يرتدي الكوفية الفلسطينية ويدافع عن الفلسطنيين، أو تجد «الممثل م. ر.» المطبع مع الكيان والذي يستخدم كل إشارات الماسونية في جميع أعماله وفيديوهاته وصاحب اللقاء الشهير مع الفنانين الصهاينة يتحدث عن القضية الفلسطينية ورفضه العدوان على غزة، أو تجد «المطربة وعارضة الأزياء» التي اكتسبت شهرتها بتصرفات غير أخلاقية تناصر القضية الفلسطينية فيتحول الناس من انتقاد سلوكها المنحرف إلى الإشادة بموقفها لدعم الشعب الفلسطيني، وتضيع الحقيقة وتتوه المواقف.. رغم أن مواقف هؤلاء جميعاً يتم صناعتها بالاتفاق مع من يعملون معهم، بهدف إرباك الجماهير والترويج لأن الإتهامات السابقة كاذبة والدليل مقاطع الفيديو الجديدة التي يناصر فيها الحق الفلسطيني وأن هذا الفنان وطني أو محترم بعكس ما يتردد عنه، وأن هذا السياسي قومي وعروبي، رغم أنهم في الواقع يخدمون الصهيونية والماسونية ودورهم اختراق المجتمعات وهذا لن يتحقق لو تم كشفهم مبكرا.
#الغريب أن هناك بعض الأنظمة في المنطقة العربية استخدمت هؤلاء العملاء والخونة، بل ومنحتهم العطايا والمناصب، وغسلت سمعتهم، وبيضه وجوهم، مقابل كشف المنظمات التي يعملون معها أو منح دول متآمرة علينا رسالة طمأنة بأن رجالكم اصبحوا جزء من السلطة أو رسالة مفادها دعونا نتعاون بدلاً من الصراعات التي يخسر فيها الطرفين، فأصبح بعض هؤلاء وزراء ونواب في البرلمان أو شخصيات بارزة في العمل الأهلي والاجتماعي ومختلف القطاعات، والنتجية كارثية أن أصبح لدينا عملاء وخونة في قلب مؤسسات صناعة القرار، بل وساهمت الأنظمة في غسيل سمعتهم وازالت كل مخاوف الناس ضدهم تحت مبرر: «الدولة مش هتجيب عميل وخاين في منصب قيادي».
• داخل النص:
#يتم زراعة العميل 1 فيكتشفه الناس ويعملون على تغييره والمجئ برقم 2 ثم يكتشفون بعد فترة أن 2 عميل أيضاً، فينادي البعض أن نأتي برقم 3 فهذا وطني ومخلص وتاريخه مشرف، ثم يصدمون بعد فترة أن 3 عميل أيضاً لكن تخفى بشكل أكثر ذكاء، وهنا يتوه الناس ولا يستطيعون التفريق بين العميل الخائن وبين الوطني المخلص.. وتتوه الناس لدرجة فقد الثقة في الجميع وهو المقصود...
• نقطة ضوء
#هذا مخطط صناعة العملاء ومن يقومون عليه يظنون أنهم الاذكى والأكثر قدرة على المناورة والتخفي والخداع، بينما في الواقع هناك من يقومون بـ«مقاومة مثل تلك المخططات ويفسدونها بهدوء وتعقل، ويكبدون القائمين عليها خسائر كبيرة».. لذا وضع هؤلاء نظرية: «كمين جوه كل كمين .. والمعرفة على قدر الحاجة .. والمعلومة تقدم لك ناقصة جزء مهم وضروري حتى يثبت ولائك أو عمالتك».. الخداع لا يتم ممارسته من طرف واحد .. هنا لدينا من يملكون القدرة على المواجهة والمناورة وتغيير المعادلات وإفساد المخططات وصناعة الانتصارات بالعقل والحكمة والذكاء، يا عزيزي.. «الفوز يحققه الأكثر ذكاء وليس الأقوى».