18:10 | 23 يوليو 2019

عبدالحى عطوان يكتب: فادية وضريبة أحلامها

11:59am 25/11/23
عبدالحى عطوان
عبدالحى عطوان

فقد شاءت الأقدار إلى تلك النهاية التى لم تتوقعها ولم تضع فى حساباتها أن تصل إليها يومًا، فمنذ ضفيرة خصلات شعرها لقبت فادية بالفتاة المتميزة حتى صارت أنثى تملك تعاويذ السحر، توزع الابتسامة على الفصول الأربعة، تحيط كل من حولها بالأحلام، كانت تعرف أنها متفردة أو أنها الحصان الأصيل فى وسط الغابة؛ فقد امتلكت منجمًا للأنوثة البريئة التى يطمح إليها كل الرجال لكنها كانت تصنع أسوارًا شائكة حول مملكتها، فمنذ طفولتها تعشق التحدى، ولها شخصيتها الخاصة العنيدة الجريئة التى تتعامل مع كل شيء بالقوة.
كانت تعشق كل شيء أنيق تحفظ أجزاء من كتاب الله، تغني مع قارئة الفنجان لعبدالحليم، ترقص طربا مع الأفلام القديمة، دائما ما تستهويها أشعار أحمد عبدالمعطي حجازي والأبنودي والفاجومي، وكتابات موسى صبري والحكيم ومحفوظ، فقد كانت تنام على كتاباتهم وتستيقظ على تغريداتهم.. صنعت لنفسها عالمها الأدبي الخاص، ووضعت قوانينها بعيدا عن تقاليد القرية التى ولدت بها، أو نظريات والدها الشيخ محمود التى لا تتخطى حاجز عتبة الدار التى تقطنها ولم تثنيها أحاديث أخيها حمدان الذى يكبرها بثلاثة اعوام عن مشقة العلم أو السفر والترحال عن حلمها؛ بل كانت تضع أمامها نموذجا منذ وعيها أن تصير أديبة أو طبيبة أو عالمة مثل سميرة موسى، فقطعت ميثاقا بينها وبين نفسها و ألا تتزوج إلا بعد تحقيق أحلامها وارتدائها ذلك الزي الذي عشقته وأصبحت مهوسة به..
ظلت تحادث نفسها عن ارتدائه بعد الجامعة فقد كانت دائما تردد أن العلم هو التعويض العادل عن القهر والفقر والجهل وبرغم ميولها للعسكرية عرفت خطواتها البيوت الثقافية والندوات الأدبية ولم تأخذها نداهة المدن وطبيعة المرحلة إلى الليالي الماجنة أو حدائق المتنزهات أو التشبه ببنات جيلها فقد كان لديها هدف تقطع المسافات لأجله، وبرغم البوح عن مشروعها المستقبلي أحدث صداما مبكرا مع والدها وأخيها الأكبر فهم في عقيدتهم زواجها المبكر هو نهاية المطاف، بينما تحقيق رغبتها يحتاج سنوات من العلم وقطع أميال من السفر يوميًا أو الغربة والسكن خارج نطاق المحافظة، وبرغم اعتراضهم المتكرر بشدة كلما تحدثت إلا أن ذلك لم يثنها عن عزيمتها وبكلماتها الحانية الودودة استطاعت أن تقنعهم بحلمها.
أحست برعشة تستشري بين ضلوعها فقد ضرب الشتاء البارد بصقيعه جسدها، فتحول اللون الرمادي الذى ظلت ترتديه لسنوات إلى خطوط داكنة فقد اقترب التقديم للكليات والمعاهد العسكرية لم تهدأ حتى أمسكت بكراسة الرغبات لحظتها ظهر أمامها صورة والدها الشيخ محمود بكل رباطة جأشه وكلماته كلما همت مغادرة وعصبية شقيقها حمدان ورفضه لفكرة دخولها العسكرية وبكلماتها الحانية وافقوا وكأنهم يغسلون أيديهم من اختيارها، وضعت كل الرغبات بالترتيب وهي تمني نفسها بالنجوم تتلألأ على أكتافها وبدعوات "الغلابة" لها..
عاشت أياما وشهورا قاسية غير مدركة حتى أصابها المرض النفسي؛ فقد جاءت النتيجة إليها بالصدمة الكبرى التى عصفت بكل أحلامها وقتلت الجنين الذى نما بين أحشائها سنوات،  فلم تستوعب من قبل أن العلم وحده ليس جواز مرور لذلك الزى ولم تفهم أن ضريبة الفقر والبيئة المعدمة التى نشأت بها عالية الكلفة، ظلت تصارع ما بين طبيعتها وما درسته وأحلامها وما تعرضت له حتى أدركت أن المجتمع بات يرسخ لمفهوم القوة والنفوذ والمال لحظتها فقط أخذت القرار الذى انطلقت منه لغدٍ مختلف...
 

تابعنا على فيسبوك

. .
izmit escort batum escort
bodrum escort
paykasa bozum
gazianteplie.com izmir escort
18 film izle erotik film izle
deutsch porn