محمود سامح همام يكتب: ماذا يحدث لو تدخل المعسكر الشرقي في حرب غزة.
بتاريخ ٧ نوفمبر ٢٠٢٣ دعا الكرملين إلى هدن إنسانية في قطاع غزة ووصف الوضع الإنساني هناك بإنه كارثي، وقالت وزارة الخارجية الروسية إن اقتراح وزير من الكيان الصهيوني بإلقاء قنبلة نووية على غزة يثير علامات استفهام متعددة، كما أضافت ماريا زاخروفا المتحدثة باسم الخارجية الروسية أن مقترح ذلك الوزير بشأن القنبلة النووية يطرح تساؤلات عن حقيقة إمتلاك دولة الاحتلال للسلاح النووي وتسألت عن دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من مسألة إمتلاك تل ابيب لهذا السلاح.وذلك أحدث تصريح روسي بشأن حرب عزة يقوم بإدانة الكيان الصهيوني عن عملياته الدموية في فلسطين، وسبق ذلك البيان عدة تصريحات كانت تدين دولة الاحتلال وتندد بعمليات الإبادة الجماعية وتدعم فلسطين، ونستطيع أن نرى بشكل واضح أن روسيا صعدت لهجتها في البيان الأخير ضد الكيان الصهيوني.
وذلك التصعيد يجعلنا نطرح سؤالاً حول هل سوف يتدخل الدب الروسي في حرب غزة بجانب فلسطين وما تداعيات ذلك التدخل المحتمل ؟
فالبداية سوف نتناول الأسباب الحقيقية لتصريحات موسكو ومحاولاتها المتعددة في مجلس الأمن والأمم المتحدة لتسوية الصراع، بالإضافة لإعلانها أنها على استعداد لوساطة بين حماس والكيان الصهيوني، فلعل اهم أسباب ذلك التحرك النشط لروسيا هو تحجيم الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط ، تلك الهيمنة التي وراء التوتر والعنف في المنطقة، فقد أدانت موسكو السياسة الأمريكية ذلك التصعيد وعمليات الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
استكمالاً لأهداف موسكو، العلاقات الروسية مع دولة الاحتلال على مدار الثلاث سنوات الماضية فهي تعاني من توتر حاد زاد خلال الحرب الأوكرانية، التي دعمتها دولة الإحتلال بالسلاح والمسيرات والمعلومات الإستخبارتية، كما أن الكيان الصهيوني يدعم بقوة جميع الحركات في الداخل السوري المعادية لروسيا لاستهداف مصالحها، فالكيان الصهيوني عبارة عن أداة لواشنطن في الشرق الوسط مرامها تفكيك وزعزعة الاستقرار والأمن الدوليين، فمعظم القرارات التي تصدر من تل ابيب هي بالأساس نوقشت وأُتخذت في البيت الأبيض أولاً.
كما أن في الأسابيع الماضية، استضافت وزير الخارجية الروسية وفد من قادة حماس وكان المرام المعلن من تلك الإستضافة قيام مباحثات حول إطلاق سراح المحتجزين الأجانب وإجلاء المواطنين الروس، وغيرهم من الأجانب في قطاع غزة، ولكن من الممكن أن تلك الإستضافة تناولت نقاط حول دعم روسيا لحماس في حربها، والذي قد يؤكد على تلك الإحتمالية هو الإحتجاج الحاد من تل أبيب على إستضافة روسيا، وتنامي سخط الكيان الصهيوني العام ضد موسكو.
ختاماً، من الصعب تنبؤ بالتطورات الدقيقة في حالة تدخل روسيا في حرب غزة ضد إسرائيل والولايات المتحدة، إذ يعتمد ذلك على العديد من العوامل والمتغيرات المعقدة. ومع ذلك، يمكن أن نتوقع أن تكون لهذا التدخل تداعيات خطيرة على المنطقة وعلى العلاقات الدولية. قد تزيد هذه الخطوة من حدة التوترات الإقليمية وتؤدي إلى تفاقم الصراع والعنف. وقد تتعرض المنطقة لمزيد من الدمار والخسائر البشرية، حيث إن روسيا بمعسكرها الشرقي مع الصين الشريك الأكبر لها يمثلان قوتين عظمتين، كما أن المعسكر الغربي من أمريكا وإسرائيل ودول أوروبا يمثلو قوات عظمى تستطيع قلب المنطقة رأساً على عقب وقد يؤدي ذلك إلى مؤشرات اقتصادية وسياسية واجتماعية واسعة النطاق. يجب أن تؤخذ هذه التوقعات بحذر، حيث إن الأحداث السياسية والعسكرية معقدة ومتغيرة، وتتأثر بتفاعلات عديدة بين الدول واللاعبين الإقليميين والدوليين، وكلا المعسكريين لديهما مرام مشترك الأ وهو السيطرة والهيمنة على الشرق الأوسط كقرارات اقتصادية وعسكرية وسياسية لصالحهما.