محمود سامح همام يكتب :الإزدواجية في معايير المنظمات الدولية تجاه القضية الفلسطينية
يوماً بعد يوم تتأزم القضية الفلسطينية أكثر، ويرتفع أعداد الشهداء والمصابين الفلسطينيين وتُهدم عشرات المنازل يومياً في قطاع غزة وتُنفى عائلات بأكملها جراء الغارات الجوية والهجمات البرية لدولة الإحتلال ، ويبقي المجمتع الدولي كافة غير قادر على التحرك الفعلي تجاه تلك الإبادة الجماعية التي يقوم بها الكيان الصهيوني أو حتى تقرير أخد موقف سلبي من ذلك الكيان، على الرغم من أن منذ أيام ، ١٢٠ دولة أعطوا صوتهم لوقف فوري لاطلاق النيران في فلسطين وفرض هدنة إنسانية في البلاد في ضوء جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما شهدت تلك الأغلبية الساحقة تصفيق حار من الحاضرين، في مقابل عدد أصوات المعارضين لقرار الوقف الفوري للعمليات العسكرية لا يتجاوز ١٥ صوتاً ، مما أُستحدث فالفضية عن تلك الجلسة إلزام دولة الاحتلال بوقف اطلاق النار وعمليات الإبادة في فلسطين وذلك ما رفضه الكيان الصهيوني بشكل قاطع وامتنع عن تنفيذ قرار الأمم المتحدة ، وجاءت تلك الجلسة بعد فشل مجلس الأمن أربع مرات في اتخاذ اجراء خلال الأسبوعين الماضيين.
وعلى الرغم من أن القضية الفلسطينية هي قضية سياسية معقدة تحظى بمتابعة واهتمام دولي كبير من دول داعمة لها كما ذكرنا مسبقاً، ومع ذلك يبرز لنا بشكل واضح بعض الانتقادات بشأن وجود بعض الازدواجية في معايير المنظمات الدولية تجاه القضية الفلسطينية. هناك بعض النقاط التي يمكن أن تكون محل نقاش في هذا الصدد.
فعلى غرار ذكر تلك الانتقادات فشلت تلك المنظمات في تحقيق توازن المواقف بين الأطراف المعنية في القضية الفلسطينية تحديًا كبيرًا. حيث يمكن أن يشير البعض إلى وجود اختلاف في معالجة المنظمات الدولية للقضية، حيث يعتبر البعض أن المنظمات الدولية تظهر توازنًا غير كافٍ في تعاملها مع القضية الفلسطينية وتحقيق مرامها البارزة على أسس القانون الدولي مقارنة باهتمامها الصريح بحرب اوكرانيا والعقوبات والحصار الذي فرضته تلك المؤسسات على روسيا جراء سياسة بوتين.
استكمالاً، يعد من أقوى أسباب تلك الازدواجية هو أن تعرض المنظمات الدولية لضغوط سياسية من الدول الأعضاء أو القوى الفاعلة في العالم على سيبل المثال دعم أمريكا غير المحدود لاسرائيل عسكريا واقتصادياً، يؤثر ذلك على مواقفها وإجراءاتها بشأن القضية الفلسطينية. وتظهر هذه الضغوط في بعض الأحيان كعدم توحيد المواقف أو قد يتم تأجيل اتخاذ إجراءات فعالة.
مع ذلك، يجب أيضًا أن نلاحظ أن المنظمات الدولية تعمل في سياق دولي تكون فيه الاهتمامات والمصالح متعددة ومتنوعة. قد يؤدي ذلك إلى تنوع المواقف والتحديات التي تواجهها المنظمات في التعامل مع القضية الفلسطينية وغيرها من القضايا الدولية.
ختاماً، يمكن اعتبار أن هناك انحيازية وتبعية لدي المنظمات الدولية مع القوى العظمى وعدم قيامها بدورها الفعلي بوضع يشكل تحديا كبيرا أمام تحقيق التوازن والعدالة العالمية. فعلينا أن ندرك أن هذا الانحياز أن ينعكس سلبا على الدول والمجتمعات الضعيفة والمهمشة، ويفقدها الثقة في هذه المنظمات. لذا، يتعين على المنظمات الدولية أن تعمل بجدية على تعزيز استقلاليتها ومصداقيتها، وأن تتبنى مواقف محايدة وعادلة تحقق مرام ومصلحة الجميع بغض النظر عن القوة السياسية أو الاقتصادية لاطراف القضية. وإن تحقيق هذا التوازن الصعب يتطلب إصلاحات جذرية وتعاون دولي قوي، وعلى الجميع أن يتحملوا مسؤولياتهم في بناء عالم أكثر عدلا ومساواة.