فريد عبد الوارث يكتب: الهجرة العكسية من إسرائيل تقتل حلم الوطن البديل
كشفت توابع عملية طوفان الأقصى الأخيرة مدى هشاشة المجتمع الإسرائيلي و تفكك بنيانه ، و أبرزت الوهن الشديد في أركانه ، و مثلت صور الآلاف الذين هربوا إلى المطارات تاركين أرض المعاد بكل بساطة ضعف العقيدة و التمسك بالأرض عند أولئك الذين تم تجميعهم من بقاع الدنيا ، و هو ما يضرب الكيان في مقتل و يذهب بحلم الوطن إلى مذبلة التاريخ .
فمَن يشاهد فيلم الأسيرات الإسرائيليات، و الغضب الشديد لديهن و مَن يشاهد فيلم المأفون أدرعي و ضحكاته، و نتنياهو و تغريداته المتنصلة من المسؤولية ،يعرف عمق الهوة المجتمعية و السياسية في إسرائيل ، فضلا عن هجوم غير مسبوق على نتنياهو في الصحف العبرية و هذا يعني فشل فكرة حكومة الوحدة الوطنية و عودة الفراغ السياسي إلي سابق عهده ، كما أن الخلاف على ملف الأسرى يعزّز النزاع الداخلي و معه إستجوابات حول الإخفاق العسكري و الإستخباراتي في 7 أكتوبر .
و لعل تفكّيك جبهة العدو يعد جزءا من معادلة الصراع ، و يجب على القسام مواصلة بث فيديوهات للأسري يهاجمون نتانياهو و حكومته لتوسعة الإنشقاق المجتمعي، فالواضح أن دولة الكيان فوق بركان مشتعل .
و لعل مقال داني ياتوم رئيس الموساد السابق في صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية خير دليل على ما صل إليه حال الصهاينة و الذي يقول فيه :
ماذا يحدث؟ هل تخلى عنا رب موسى و هارون؟ لا أفهم ماذا يحدث؟ دبابة ميركافا إسرائيلية الصنع، فخر الصناعة في تل أبيب، و التي تبلغ تكلفتها 170 مليون دولار، تم محوها من على وجه الأرض بقذيفة آر بي جي؟ أنا لا أصدق ذلك؟ هل تم تدمير دبابة الحصن الفولاذية هذه بقذيفة آر بي جي؟ هل هناك من رأى أنه عندما أصيبت دبابتنا بهذه القذيفة اهتزت الأرض و انفجرت الدبابة و كأنها أصيبت بقنبلة وزنها طن من المخازن؟ أنا لا أصدق ذلك ، و من يقاتل معهم؟ و من يقاتل معهم؟ هناك أشباح مخفية تساعدهم على قتل اليهود ، هل تركنا رب موسى و هارون؟
هناك قوة خفية تساعدهم وتحارب معهم ، فمنذ 7 أكتوبر لم يخطئوا الهدف في هجماتهم علينا في كل الأنحاء وكأن لديهم قمر صناعي ، لسوء الحظ، نهاية دولة إسرائيل تقترب حتماً .
إذن العدو يتآكل من الداخل و لا أحد يخطىء وجود تنافر و عدم إرتياح متبادل بين القيادات السياسية و العسكرية الإسرائيلية و هذا بحد ذاته كفيل بإحداث إنهيار حقيقي من الداخل للكيان الذي ولد سفاحاً فوق هذه الأرض الطاهرة .
يتبقى أن تجيد حماس استخدام ملف الرهائن كإحدى أوراق القوة التي تمتلكها و أن تستخدمها كورقة ضغط على نتانياهو لتحجيم قدرته على التحرك العسكري و لإجباره على القبول بصفقة تبادل تشمل أيضاً وقف الحرب على غزة
و يعلم نتانياهو جيداً أن قبول وقف إطلاق النار يماثل تناول العلقم أو تجرع السم ، فهو يعني نهاية كل شئ و تظل عملية طوفان الأقصى بمثابة زلزال مدمر أصاب المجتمع الإسرائيلي من الداخل .
و تبقى صور الهاربين إلى المطارات الإسرائيلية نقطة مضيئة في سجل الصراع الممتد مع الكيان الغاصب ، و صدق رب العزة ... تحسبهم جميعاً و قلوبهم شتى .