يوسف وهبى .. ودور شخصية سيدنا محمد .. ولماذا قبل القيام بالدور ؟!

فى عام 1926، بعد سقوط الخلافة العثمانية في تركيا، سعى الرئيس مصطفى كمال أتاتورك (الملقب بـ "أبو الأتراك") إلى تحديث روح الفكر الديني والثقافي في البلاد. ضمن هذه الجهود، تعاون المنتج السينمائي الألماني "كروس" مع أتاتورك لإنشاء شركة إنتاج فني تهدف للنهوض بالفن الحديث، وخاصة السينما.
حسب المراجع السينمائية، تواصلت هذه الشركة مع وداد عرفي، أحد أوائل مخرجي السينما الصامتة في مصر، وطلبت منه ترشيح ممثل مصري لتجسيد شخصية النبي محمد ﷺ في فيلم تركي-ألماني مشترك. دون تردد، رشح وداد عرفي يوسف وهبي، النجم المسرحي البارز آنذاك والذي لم يكن قد دخل بعد عالم السينما. وتم التخطيط لتصوير الفيلم في استوديو بباريس.
بدأ يوسف وهبي التحضير للدور بقراءة السيناريو وتجهيز الملابس. ولكن انكشاف الخبر عبر مجلة "المسرح" أثار ضجة كبيرة. أحد المحررين وصف مظهر يوسف وهبي بالشبيه برأس بوتين، واعتبر ذلك إهانة للنبي ﷺ. أدى ذلك إلى تصاعد الغضب العام، حيث طالب بعض القراء الصحف بمنع يوسف وهبي من أداء الدور.
كما تفاعل الأزهر الشريف بسرعة مع القضية، إذ أرسل الشيخ الفضل الجيزاوي خطابًا شديد اللهجة إلى وزارة الداخلية يطالب فيه بمنع وهبي من أداء الدور، بل وفرض حظر على سفره. استدعت وزارة الداخلية يوسف وهبي للتحقيق، وصدر بيان منها يُلزم وهبي بالامتناع عن المشاركة في الفيلم. قبل وهبي القرار وأعلن انسحابه بشكل رسمي عبر الصحف.
في مذكراته، ذكر يوسف وهبي أن الملك فؤاد وجه إليه تحذيرًا مباشرًا يهدده بالنفي وسحب الجنسية المصرية إذا استمر في هذا المشروع. كما أكد وهبي أنه أبلغ شركة الإنتاج بعزمه على الانسحاب احترامًا لقرار العلماء والمجتمع.
لاحقًا، أشار وهبي في مذكراته إلى أن الفيلم أُنتج بالفعل، وقام بتجسيد شخصية النبي محمد ﷺ ممثل يهودي الديانة. أصبحت هذه الواقعة واحدة من أولى الصدامات الشهيرة بين الإبداع الفني والرقابة الدينية في العالم العربي، ورسخت ذكرى جدلية كبرى تحت عنوان "يوسف وهبي في دور النبي محمد ﷺ
