وسط توتر عراقي إسرائيلي.. تحركات مريبة للميليشيات في سنجار
على وقع المخاوف من تصعيد بين إسرائيل والعراق، بعد تأكيد وزير الخارجية الإسرائيلي أن لبلاده "الحق في الدفاع عن نفسها" في حال استمرت الهجمات من الأراضي العراقية، يخشى سكان قضاء سنجار من تبعات كارثية في حال استُخدمت ميليشيات موالية لإيران من جبل سنجار، قاعدة لشن هجمات على إسرائيل ومصالح أمريكية في المنطقة.
ويحتل جبل سنجار موقعا استراتيجيا مهما يطل على الحدود العراقية السورية، ويمتد لمسافة تبلغ أكثر من 73 كيلومترا، تبدأ من الجهة الشمالية الغربية إلى الجنوبية الشرقية من قضاء سنجار، بحسب شبكة "الحرة" الإخبارية.
والجبل، الذي يبلغ ارتفاعه أكثر من 1400 مترا، يحتضن العشرات من القرى والمزارع والحقول. وتنتشر على قمته مواقع عسكرية، بدأت ميليشيات باستغلالها منذ عام 2017، بالإضافة إلى وجود مواقع ومقرات وحدات مقاومة سنجار "اليبشة"، أحد اجنحة حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة، المصنف جماعة إرهابية في الولايات المتحدة.
وتحدث موقع الحرة مع مصادر محلية، بينهم مواطنون وزعماء عشائر من سنجار، بالإضافة إلى ضباط في قوات الأمن، وقد أجمع هؤلاء على أن المنطقة تشهد نشاطا متصاعدا للميليشيات.
وطلبت المصادر التي تحدث معها موقع الحرة عدم الكشف عن هويتها خوفا من التعرض للاستهداف من قبل الميليشيات.
وأبلغ مواطنون وشخصيات عشائرية يسكنون قرى الجبل وآخرون في المجمعات المحيطة به موقع "الحرة" بأنهم شاهدوا خلال الأسابيع الماضية وصول العديد من الشاحنات المغلقة الكبيرة إلى مقرات الفصائل المسلحة في أطراف الجبل ليلا وسط حراسة مشددة من قبل مسلحي الفصائل.
وأكدت المصادر المحلية أن وصول هذه الشاحنات إلى الجبل لم يكن مألوفا من قبل.
كما أكد الضباط، الذين تواصل معهم موقع "الحرة" في سنجار، أن المعلومات التي حصلوا عليها من الجبل عبر علاقاتهم مع مسلحي الفصائل، كشفت أن "الشاحنات كانت محملة بصواريخ وطائرات مسيرة متطورة إيرانية الصنع، وزعت ما بين مقرات الفصائل في أطراف الجبل وقمته استعدادا لاستخدامها في شن هجمات مستقبلية على المصالح الأمريكية في سوريا وعلى إسرائيل".
وحاول موقع "الحرة" الحصول على تصريح من قبل الجهات الحكومية والأمنية في قضاء سنجار ومحافظة نينوى عن تحركات للميليشيات في جبل سنجار، دون أي جدوى.
بيد أن نوابا حاورتهم "الحرة" على هامش فعاليات المنتدى الخامس للسلام والأمن في الشرق الأوسط الذي تستضيفه الجامعة الأمريكية في محافظة دهوك، أكدوا أن ثمة مخاوف في هذا الإطار، وطالبوا بضرورة تطبيق "اتفاقية سنجار".
وقال النائب عن محافظة نينوى، شيروان الدوبرداني، للحرة إن "المخاوف من التصعيد في محلها لاسيما في ظل نشاط بعض الفصائل وشن هجمات على إسرائيل من داخل العراق".
وأضاف "خلال الفترة السابقة استخدمت أراضي سنجار وزمار وسهل نينوى لشن هجمات على القواعد العسكرية في الإقليم، وكذلك القواعد الأمريكية في سوريا لذلك فإن تطبيق اتفاقية سنجار هو كفيل بإنهاء تواجد أي فصائل أو ميليشيات أو قوات غير عراقية قد تستخدم الأراضي العراقية لشن هجمات على مواقع سواء داخل أو خارج العراق".
وفي الإطار نفسه، قال النائب عن قضاء سنجار، ماجد شنكالي، للحرة، إن "الحكومة العراقية وأغلب القوى السياسية تعمل على تجنيب العراق الدخول في الصراع الإقليمي، ولكن هنالك فصائل مسلحة تدعي المقاومة تعلن بين فترة وأخرى عن عمليات عسكرية ضد إسرائيل، لذلك فإن على الحكومة الاتحادية أن تكون أكثر حزما وبالتأكيد فإن تطبيق اتفاقية سنجار سيوجد الكثير من الحلول لهذه المنطقة".
وكان الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول، قال، في بيان الأربعاء، إن "رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني وجه القوات المسلحة والأجهزة الأمنية كافة بمنع وملاحقة أي نشاط عسكري خارج إطار سيطرة الدولة".
وأشار رسول إلى أن السوداني وجه بتعزيز الحدود العراقية الغربية من خلال النشاط المكثف والانتشار السريع ووضع الخطط اللازمة والعمل على تهيئة وضمان عمق أمني فعّال.
وأكد استمرار الحكومة في إجراءاتها لمنع استخدام الأراضي العراقية لشنّ أي هجوم، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الإجراءات الأمنية أثمرت بالفعل عن ضبط أسلحة معدّة للإطلاق، لكنه لم يكشف عن مكان ضبط الأسلحة المعدة للإطلاق.
واعتبر الضابط في جهاز المخابرات العراقي السابق، سالم الجميلي، منطقة سنجار موقعًا استراتيجيًا نظرًا لقربها من الحدود السورية وتوسطها بين الممرات التي تستخدمها إيران وفصائلها المسلحة لنقل الأسلحة والموارد إلى حلفائها في سوريا ولبنان.
وقال الجميلي لموقع "الحرة"، "في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، تزداد المخاوف من استغلال إيران لهذه المنطقة لتنفيذ هجمات تستهدف المصالح الأميركية في شرق سوريا وضرب إسرائيل. كما تُشكّل المنطقة معبرًا هامًا نحو شرق سوريا، حيث تتمركز القوات الأمريكية في قواعد مثل التنف وحقول النفط".
ويشير الجميلي إلى أن تضاريس سنجار الجبلية تجعلها منطقة مثالية لنقل الأسلحة وإخفاء الصواريخ بعيدة المدى، ويُعزّز ذلك وجود شبكات أنفاق قديمة كانت تُستخدم سابقًا من قِبَل تنظيمات إرهابية.
ويلفت الجميلي إلى أنه ورغم بُعد سنجار عن شمال إسرائيل بحوالي 800 كلم جوًا، إلا أنها تُعد بيئة ملائمة للاختباء والتخفي، فضلاً عن كونها نقطة لنقل الأسلحة والصواريخ من إيران عبر العراق إلى سوريا، باستخدام معابر غير رسمية قريبة من سنجار.
ويرى الجميلي أن التضاريس الجغرافية لمنطقة سنجار تمنح الميليشيات ميزة استراتيجية في شن هجمات على أهداف في شرق سوريا وشمال إسرائيل، مقارنة بالمناطق المفتوحة في غرب العراق، مثل الأنبار والنخيب، التي يمكن مراقبتها جويًا بسهولة ورصد التحركات فيها بدقة. وأشار الخبير إلى أنه "لهذا السبب ظهرت مؤشرات على تحول الجهد العملياتي للفصائل التابعة لإيران من غرب العراق إلى منطقة سنجار".
وتتمركز العديد من الميليشيات الموالية لإيران في قضاء سنجار ومن ضمنه الجبل، في مقدمتها مليشيات كتائب حزب الله العراق والنجباء، وكتائب سيد الشهداء وعصائب أهل الحق وبدر وكتائب الإمام علي.
وقال العضو العامل في الفرع الـ17 للحزب الديمقراطي الكردستاني في سنجار، إدريس زوزاني، لموقع "الحرة"، "بالنسبة لاستخدام سنجار كمنطلق للهجوم على المصالح الأميركية، بالتأكيد هناك تواجد لمجاميع من الحشد الشعبي والمليشيات العراقية الأخرى الموالية لإيران، وايران قد تحرك هذه المليشيات في أي وقت لزعزعة الأمن في المنطقة".
ويلفت زوزاني إلى تواجد للمليشيات ومسلحي العمال الكردستاني في أطراف الجبل، مشيرا إلى أن تحركاتهم في الجبل ليست علنية وهي تحركات خفية.
وتابع زوزاني أن "مسلحي العمال الكردستاني حفروا العديد من الأنفاق الطويلة في أطراف الجبل وفي مناطق عدة من سنجار كمناطق خانصور وسنوني وتل عزير والمناطق المجاورة لها، وهي تحتضن في الوقت نفسه مقرات للمليشيات".